الثلاثاء، مايو 26، 2009

ليس بكلام بشر (لذين يطيقونه)

بسم الله الرحمن الرحيم

ليس بكلام بشر

والذين يطيقونه

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد عليه وعلى أله وصحبه ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين.

يقول الله عز وجل فى كتابه العزيز.بسم الله الرحمن الرحيم. البقرة184 { أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ).

جاء فى تفسير الشيخ الشعراوى رحمه الله فيما اسماه خواطر ما يلى :

(وكلمة { أَيَّاماً } تدل على الزمن وتأتي مجملة، وقوله الحق عن تلك الأيام: إنها { مَّعْدُودَاتٍ } يعني أنها أيام قليلة ومعروفة. ومن بعد ذلك يوضح الحق لنا مدة الصيام فيقول: { شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيۤ أُنْزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ ٱلْهُدَىٰ وَٱلْفُرْقَانِ... })

نلاحظ ان الشيخ تفادى التعليق على ما جاء بالآية[ الذين يطيقونه].

وجاء فى جامع البيان في تفسير القرآن للإمام الطبري رحمه الله تعالى :

(حدثنا الـمثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن عطاء، قال: كان علـيهم الصيام ثلاثة أيام من كل شهر، ولـم يسمّ الشهر أياماً معدودات، قال: وكان هذا صيام الناس قبل ثم فرض الله عز وجل علـى الناس شهر رمضان.

حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: حدثنـي أبـي، قال: حدثنـي عمي، قال: حدثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس قوله:

{ يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَـيْكُمُ الصّيامُ كمَا كُتِبَ علـى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }

وكان ثلاثة أيام من كل شهر، ثم نسخ ذلك بـالذي أنزل من صيام رمضان، فهذا الصوم الأول من العتـمة.

ثم اختلف قرّاء ذلك: { وعلـى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ } فـي معناه، فقال بعضهم: كان ذلك فـي أوّل ما فرض الصوم، وكان من أطاقه من الـمقـيـمين صامه إن شاء، وإن شاء أفطره وافتدى، فأطعم لكل يوم أفطره مسكيناً حتـى نسخ ذلك. ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا يونس بن بكير، قال: ثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبـي لـيـلـى، عن معاذ بن جبل قال: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم الـمدينة، فصام يوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر، ثم إن الله جل وعز فرض شهر رمضان، فأنزل الله تعالـى ذكره:

{ يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَـيْكُمُ الصّيامُ }

حتـى بلغ: { وعلـى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِين } فكان من شاء صام، ومن شاء أفطر وأطعم مسكيناً. ثم إن الله عز وجل أوجب الصيام علـى الصحيح الـمقـيـم وثبت الإطعام للكبـير الذي لا يستطيع الصوم، فأنزل الله عز وجل: { فَمَنْ شَهدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْـيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أوْ علـى سَفَرٍ }... إلـى آخر الآية».

حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: ثنا مـحمد بن جعفر، عن شعبة، عن عمرو بن مرة، قال: حدثنا أصحابنا " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لـما قدم علـيهم أمرهم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر تطوعاً غير فريضة، قال: ثم نزل صيام رمضان، قال: وكانوا قوماً لـم يتعوّدوا الصيام، قال: وكان يشتدّ علـيهم الصوم، قال: فكان من لـم يصم أطعم مسكيناً، ثم نزلت هذه الآية: { فَمَنْ شَهدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْـيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَريضاً أوْ علـى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أيَّامٍ أُخَرَ } فكانت الرخصة للـمريض والـمسافر، وأمرنا بـالصيام " قال مـحمد بن الـمثنى: قوله قال عمرو، حدثنا أصحابنا: يريد ابن أبـي لـيـلـى، كأن ابن أبـي لـيـلـى القائل حدثنا أصحابنا.)

وجاء في الجامع لأحكام القرآن للإمام القرطبي:

(وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين" وهؤلاء ليسوا بمرضى ولا مسافرين، فوجبت عليهم الفدية. والدليل لقول مالك: أن هذا مفطر لعذر موجود فيه وهو الشيخوخة والكبر فلم يلزمه إطعام كالمسافر والمريض. وروي هذا عن الثوري ومكحول، واختاره ابن المنذر.

وجاء في الدر المنثور في التفسير بالمأثور للإمام جلال الدين السيوطي رحمه الله تعالى:

(وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن سعيد بن جبير أنه قرأ (وعلى الذين يطوقونه).

وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن الأنباري عن عكرمة أنه كان يقرأ (وعلى الذين يطوقونه) قال: يكلفونه. وقال: ليس هي منسوخة، الذين يطيقونه يصومونه، والذين يطوقونه عليهم الفدية.

وأخرج ابن جرير وابن الأنبياري عن ابن عباس أنه قرأ {وعلى الذين يطيقونه} قال: يتجشمونه يتكلفونه.

وأخرج سعيد بن منصور وأبو داود في ناسخه وابن جرير عن عكرمة أنه كان يقرؤها {وعلى الذين يطيقونه} وقال: ولو كان يطيقونه إذن صاموا).

هذا ما جاء به بعض المفسرين ولكن لأن الله أمرنا أن نتدبر القرآن لا نفسر القرآن فلا بد لنا من ملاحظة الآتى :

أولا:

أن القرآن نزل على رسول الله بشريعة صالحة لكل زمان ومكان :

ثانيا :

شرع الله في العبادات مبنى على مبدأ أشار الله إليه في القرآن {: "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر"} [البقرة: 185].

ولأن الله اختار من المؤمنين شريحة منهم يطيقون الصوم ولكن أباح لهم الإفطار وإطعام مسكين عن كل يوم يفطرونه لعلة لم تكن موجودة فى زمن نزول القرآن على سيدنا رسول الله {صلى الله عليه وسلم} إذن وجب علينا أن نبحث عن تلك العلة

ثالثا:

أن الله يعلم أن ظروف الحياة ونمطها سوف يتغير ويكون هناك من الأعمال والوظائف التى سوف تستجد مثل العمل في مصانع المسبوكات والتي يقف فيها العامل أمام الأفران ذات الحرارة العالية أو سوف تظهر وسائل نقل مختلفة مثل الباصات والقطارات والطائرات والمراكب أو البواخر وكل هذه الوسائل للنقل الجماعي ولا غنى لأي مجتمع عنها وهذه تعمل ليل نار فى خدمة الناس .

رابعا :

الله يحب لعباده المؤمنين الاندماج في المجتمعات وان لا يحرمهم من التمتع بالوسائل الحديثة في الحياة ولا يرضى لعباده المؤمنين التخلف عن غيرهم.

وعلى ذلك كان الله رحيما بالناس الذين يعملون في مثل هذه الوظائف فالعامل الذي يتطلب عمله الوقوف أمام الأفران ذات الحرارة العالية في نهار رمضان ولا غنى له عن العمل وهذا يستطيع الصوم لولا عمله فله أن يفطر ويطعم عنه كل يوم مسكين والعامل الذى يقف أمام أفران الخبز ليصنع الخبز للناس كذلك سائق الباص أو سائق القطارات التي تعمل بالنهار فله أن يفطر ويطعم مسكين رغم انه يستطيع الصوم لولا هذا العمل الذي لا غنى له عنه وقس على ذلك سائق الطائرات والبواخر لأنه في سفر دائم فى أيام رمضان ومثل ذلك الأعمال القاسية التى يعمل بها المسلم ولا غنى له عن العمل . فبرحمة الله على عباده المؤمنين أباح لهم الإفطار فى شهر رمضان رغم مقدرتهم على الصوم طالما أن هذا عملهم ولا غنى لهم عن هذا العمل الشاق فى أيام رمضان , وصدق الله العظيم إذ يقول فى كتابه العزيز {: "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر"} [البقرة: 185].

هذا والله أعلى واعلم .

تم بحمد الله تعالى يوم الخميس 7/5/2009 الموافق 12من جماد الأولى 1430 .

محمد إبراهيم عبد الغنى قطب --- مصر

الإميل:

EMADKOTOB@YAHOO.COM

MOHAMED_K47@HOTMAIL.COM