بسم الله الرحمن الرحيم
التحدى بالقرآن-ليس بكلام بشر
{ لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ}
بسم الله الرحمن الرحيم .الحمد لله والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين .
يقول الله فى محكم آياته .
بسم الله الرحمن الرحيم:
الحشر 14 { لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ}
جاء فى تفسير القرآن للإمام الطبري رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية:
(قال تعالى ذكره للمؤمنين به من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأنتم أيها المؤمنون أشدّ رهبة في صدور اليهود من بني النضير من الله: يقول: هم يرهبونهم أشدّ من رهبتهم من الله { ذَلكَ بأنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ } يقول تعالى ذكره: هذه الرهبة التي لكم في صدور هؤلاء اليهود التي هي أشد من رهبتهم من الله من أجل أنهم قوم لا يفقهون، وقوله: { لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إلاَّ فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ } يقول جلّ ثناؤه: لا يقاتلكم هؤلاء اليهود بني النضير مجتمعين إلا في قرى محصنة بالحصون، لا يبرزون لكم بالبراز، { أوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ } يقول: أو من خلف حيطان.)
وجاء في الجامع لأحكام القران للإمام القرطبي رحمه الله تعالى :
(قوله تعالى: { لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً } يعني اليهود { إِلاَّ فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ } أي بالحيطان والدُّور؛ يظنون أنها تمنعهم منكم. { أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ } أي من خلف حيطان يستترون بها لجُبْنِهم وَرَهْبَتِهم)
وجاء فى تفسير ابن كثير رحمه الله تعالى:
قال تعالى: { لاَ يُقَـٰتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِى قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ } يعني: أنهم من جبنهم وهلعهم لا يقدرون على مواجهة جيش الإسلام بالمبارزة والمقاتلة، بل إما في حصون، أو من وراء جدر محاصرين،)
وجاء فى الوسيط فى تفسير القرآن الكريم للدكتور طنطاوي في تفسير هذه الآية:
(أى: أن هؤلاء اليهود وحلفاءهم من المنافقين، لا يقاتلونكم مجتمعين كلهم فى موطن من المواطن إلا فى قرى محصنة بالخنادق وغيرها، أو يقاتلونكم من وراء الجدران التي يتسترون بها، لأنهم يعجزون عن مبارزتكم، وعن مواجهتكم وجها لوجه، لفرط رهبتهم منكم..).
هذا ما جمع عليه جمهور الفقهاء والمفسرين.
على أن اليهود لا يقاتلون المؤمنين إلا من وراء جدار أو فى قرى محصنة .هذا ما جاء به المفسرين .
نعود إلى الآية الكريمة :
بسم الله الرحمن الرحيم: الحشر 14 ) { لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ}(
فى هذه الآية وان كان الخطاب موجه إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم ومن معه من الصحابة –فهو موجه أيضا إلى كافة المسلمين فى كل مكان وزمان لأن اليهود هم اليهود وهم أجبن من المواجهة المباشرة مع المسلمين ولكن فى هذا العصر لم يعد تنفع الجدار أو الجدر أو القرى المحصنة فى الحروب الحديثة التي بها من المعدات الحربية ما يستطيع أن يصل إلى أى مكان فى العالم بالطائرات الحديثة أو بالصواريخ ولا يمنعها جدار أو جدر ولو كانوا فى قرى محصنه فالقنابل تستطيع أن تدك أى حصن ومن مكان بعيد عن مسرح القتال.
كما قلنا أن هذه الآية تقرر حقيقة مهمة توضح جبن بني إسرائيل وعدم قدرتهم على المواجهة المباشرة مع المسلمين ولأن اصدق الكلام هو كلام الله تعالى وهو الحق فلابد أن يكون.
فكيف تكون هذه الآية القرآنية إعجاز؟.
في هذه الأيام أو فى هذا العصر وما بعده كيف يكون تفسير هذه الآية وما أراده الله تعالى لنا أن نعرفه عن اليهود وكيف يقاتلون المسلمين -(والله أعلى واعلم)-.
اليهود لكي يقاتلوا المسلمين لابد لهم من الاعتماد على مساندة قوية من دول قوية أيضا وهى تمثل لهم هنا االجدر المحصنة وتكون لها دولة قوية تتعهد بالحفاظ عليهم ومؤازرتهم فى أى حرب ومستعدين ان يقاتلوا معهم اى قوة تحاول قتالهم وهى تمثل الجدار أو الجدر التي أشارت إليها الآية الكريمة هذا واليهود خبراء فى استجداء دول العالم القوية ذو النفوذ ولو نظرنا إلى حال اليهود فى هذه الأيام وتاريخهم مع المسلمين فى احتلال فلسطين أنهم أتوا إلى فلسطين وسط العرب المسلمين بحماية من انجلترا ووعد بلفور الذي كان وزير خارجية انجلترا فى هذه الأيام - وهى كانت قوة عظمى- وإقامة دولة لهم ولولا هذا التعهد ومساعدة الانجليزي ما استطاع اليهود من دخول فلسطين, ووسط مباركة من الدول القوية الأخرى مثل دول أوربا وأمريكا وهذه الدول أمدت اليهود بوسائل التكنولوجيا الحديثة والسلاح وفرنسا وهى دولة نووية ساعدت ألدوله اليهودية على بناء مفاعل ذرى وأنتجت منه عدد كبير من القنابل الذرية الخطيرة غير الأموال التي أمدتها بها ألمانيا وتعهد جميع الدول الكبرى فى العالم على الحفاظ على أمن هذه الدولة اليهودية الصهيونية ولولا هذا الحشد الهائل من دول العالم لمساعدتها ما أمكنهم المواجهة مع المسلمين وهذه أمريكا وهى اقوي قوة فى هذا العصر تعهدت أمام العالم اجمع أنها ستجعل إسرائيل اقوي من العرب مجتمعين ولولا اندفاع أمريكا لاتقادهم فى حرب أكتوبر سنة 1973 ميلادية لانتهت إسرائيل, وأيضا وقف معها اغلب دول العالم وهم يمثلون لهم الجدر التي تحميهم في قتالهم مع المسلمين واصبح اليهود فى اسرائيل محمية طبيعية تحت الحماية من امريكا والدول الغربية فاصبحوا لليهود جدار تمنعهم من اعدائهم واصبحت امريكا هى القرية الحصينة لهم التى تمنعهم من المسلمين .
أما الظهير الصهيوني لهذه الدولة الصهيونية العنصرية:
فاليهود يتوزع اغلبهم فى البلاد الصناعية مثل دول أوربا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية وسيطر اليهود فيها على البنوك وعلى وسائل الإعلام حتى أصبحوا أصحاب القوة والمال والنفوذ فى تلك الدول واستغلوا خبرتهم فى الدسيسة والكذب والافتراء على المسلمين مما جعل حكام هذه الدول تفرض عليهم الحماية وجعل هؤلاء اليهود ينافقون هذه الدول وأخذوا يبثوا سمومهم على المسلمين في وسائل الإعلام التي تملكوها واستغلوا حالة الديمقراطية وحرية الإعلام في هذه البلاد وأداروا منها حربا قذرة من الأكاذيب والافتراءات على الإسلام والمسلمين مما جعل هذه الدول وشعوبها تكره الإسلام و كل من مسلم واظهروا لتلك الدول بأنهم الدولة الضعيفة التي تعيش وسط يحرمن العرب المعادين لهم وأن المسلمين يريدوا أن يلقوا دولة إسرائيل في البحر وهى الدولة الصغيرة التى تريد ان تعيش بين العرب فى أمن وسلام وكسبوا تعاطف دول كثيرة من دول العالم واخذوا يمدوهم بالمال والسلاح والمتطوعين في أي صراع بينهم وبين العرب المسلمين وأصبحت هذه الدول لهم قري محصنة لا يستطيع العرب والمسلمين ان يقاتلوهم فيها أو ينالوا منهم هناك ورغم ذلك ليس لهم ولاء لهذه الدول التي تحميهم ولا لشعوبهم ولا يتورعوا عن ان ينفذوا ضد هذه الدول التى يعشوا فيها أى عمل من أعمالهم القذرة وشكلت هذه العصابات من اليهود طابورا خامسا اقوي في تأثيره ضد المسلمين من الجيوش المسلحة فى دولة اسرائيل
وباتت إسرائيل الطفل المدلل لتلك الدول وجاز لها ما لا يجوز لغيرها من دول العالم وما كان للعراق إلا مثالا واضحا لحماية إسرائيل وأمنها لمجرد قول فى غير موضعه للرئيس العراقي بأنه سيدمر إسرائيل فما كان من اللوبي الصهيوني فى أمريكا أن أقاموا الدنيا ولم يقعدوها إلي أن ضغطوا على الرئيس الأمريكي واخذوا في الافتراء على هذه الدولة المسلمة العربية فى أنها تحاول امتلاك السلاح النووي واخذوا ينشروا أكاذيبهم حتى انتهى الأمر بغزو العراق من قبل أمريكا وانجلترا وكثير من الدول التي تدور فى فلكهم وانتهى الأمر بالعراق إلى أن دمروها وأعادوها إلى الوراء قرنا من الزمن وقتل أهلها وتشريدهم فى دول العالم وعاثوا فى العراق الفساد وكل هذا لمجرد ان رئيسها قال انه سيدمر إسرائيل وهم يعلمون تماما أن ليس للعراق القوة أن تفعل هذا الأمر مع إسرائيل أو حتى تشتبك معها فى حرب عادية ولكن ليكون عبرة لغيره من الدول العربية والآن يحاولوا ان يجيشوا جيوش هذه الدول مرة أخرى ضد إيران لمنعها من مجرد أن يكون لها برنامج نووي سلمى .هذا هم اليهود دائما .قاتلهم الله
أما قول الله تبارك وتعالى (بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ) هو ما نشاهده الآن من الوضع العنصري الرهيب داخل المجتمع الإسرائيلي وابسط مثل عليه هو ذلك التمييز بين اليهود من الأصول الشرقية واليهود من الأصول الغربية وهو يشكل شرخا عميقا داخل المجتمع الإسرائيلي وهذا يهدد أمنهم من الداخل.
وما كان هذا ليحدث إلا لحكمة يعلمها الله وقد أشار إليها فى :سورة الإسراء 104 {وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱسْكُنُواْ ٱلأَرْضَ فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً ), وجاء فى تفسير الطبري لهذه الآية(حدثنا مـحمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفـيان، عن منصور، عن ابن أبـي رَزِين { جِئْنا بِكُمْ لَفِـيفـاً } قال: من كلّ قوم.
وجاء فى خواطر الشيخ الشعراوى رحمه الله :
(وكما تحقق وعد الله فى هذه الآية{ وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي ٱلأَرْضِ أُمَماً.. } [الأعراف: 168]
لقد صدق وعد الله فقد قطعهم اللهY فى بلاد العالم وهم ينكمشوا على أنفسهم لا يندمجوا مع غيرهم وكأنهم امة واحد فى البلد الذي يسكنوا فيه ثم قال فى سورة الإسراء(فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً ), وهو ما نحن بصدده الآن، حيث سيتجمع اليهود في وطن واحد ليتحقق وَعْد الله بالقضاء عليهم، وهل يستطيع المسلمون أن ينقضُّوا على اليهود وهم في شتات الأرض؟ لا بُدَّ أن الحق سبحانه أوحى إليهم بفكرة التجمُّع في وطن قومي لهم كما يقولون، حتى إذا أراد أَخْذهم لم يُفلتوا، ويأخذهم أخْذ عزيز مقتدر.) انتهى كلام الشيخ الشعراوى
هكذا حكمة الله فلولا مساندة الدول الكبرى القوية وامداداها بالمال والسلاح والتعهد بحمايتها وكانوا لها تلك القرى المحصنة والجدر او الجدار الذي يحميهم من المسلمين فلولا هذا ما استطاعوا أن يجتمعوا وسط المسلمين ويغتصبوا أراضيهم وطرد شعب بأكمله من أرضه حتى إذا جاء وعد الآخرة اجتمعوا فى هذا المكان وأهلكهم الله بكفرهم على يد عباده المؤمنين.
والله أعلى واعلم .
انتهى بحمد الله تعالى وفضله وما نريد به إلا وجه الله تبارك وتعالى وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
محمد إبراهيم عبد الغنى قطب –مصر
يوم الاثنين 8/12/2008 الموافق عيد الأضحى سنة1429 هجرية.
الإميل:
mohamed_k47@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق