السبت، يناير 24، 2009

عذاب القبر{والله اعلم}

بسم الله الرحمن الرحيم
ليس بكلام بشر
عذاب القبر
الحمد لله والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين.
قبل أن ابدأ في البحث عن موضوع عذاب القبر يجب أن اذكر أن السنة المشرفة ليست محل شك فالرسول صلوات الله عليه وسلامه هو المعلم الأول وهو الذي كان خلقه وإعماله القرآن وما كان ينطق عن الهوى فلا ينكر سنته مسلم أبدا ولكن ابتلى المسلمين بعد الخلفاء الراشدين بالفتن وحفظ الله كتابه العزيز ولكن نال من كتب السيرة وكتب الأحاديث كثير من الفرق ليعزز كل موقفه من رأيه في نزاعاتهم أو المغرضين المتربصين بالدين وفطن العلماء لهذا وبدءوا في تنقيح كتب الأحاديث وجعلوا منها المتواتر والحسن والضعيف والموضوع بعد تدقيق فيما روى واستبعدوا كثيرا من هذه النصوص .
إذا لا حرج من أن نفكر في هذا الحديث أو ذاك ونزن الحديث بالقرآن كما جاء في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة لعبد الرحمن الجز يرى :
عن ابن عمر: (إن كتاب اللّه هو الذي يجب العمل به، وحيث ورد مطلقاً فلا يقيده الحديث، ثم لينظر بعد ذلك للحديث، فإما أن تكون رواية غير صحيحة، وبذلك ينتهي الإشكال، وإما أن يكون صحيحاً ولكنه نسخ بهذه الآية أو بحديث آخر) هذا رأي ابن عمر.
وقد جاء فى كتب الحديث روايات عن عذاب القبر نرد منها:
(إن هذه الأمة تبتلى في قبورها , فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه)......الحديث
وذكر الإمام الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة:
لو أفلت أحد من ضمة القبر لأفلت هذا الصبي ] . ( صحيح )
((لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله عز وجل أن يسمعكم ( من ) عذاب القبر ( ما أسمعني ))
جاء فى كتاب الدر المنثور فى التفسير بالمأثور للإمام جلال الدين السيوطي:
أخرج أحمد عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما عمل آدمي عملا قط أنجى له من عذاب القبر من ذكر الله).....الحديث
وتكون هذه الأحاديث مؤكدة عذاب القبر اى العذاب في القبر واقع لا محالة للكافرين ولكن لنرى من جهة أخرى وهو الأهم قول الله في كثير من الآيات التي فسرت كما جاء في أمهات التفاسير أو الحديث منها مثل ما جاء فى خواطر (تفسير الشيخ الشعراوى) رحمهم الله جميعا.
سأتناول بعض من كثير من الآيات منها الآية التي يقسم فيها المجرمون يوم القيامة أنهم ما لبثوا فيها إلا ساعة (والمفروض أنهم - المجرمون- الأحق بالعذاب في القبر) لنرى قول المفسرين فيها :
يقول الله تعالى فى سورة الروم الآية 55 :
بسم الله الرحمن الرحيم.:
الروم 55 (وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُقْسِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُواْ غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُواْ يُؤْفَكُونَ)
نستعرض ما جاءت به كتب التفاسير في تفسير هذه الآية:
جاء في جامع البيان لتفسير القرآن للطبري رحمه الله المتوفى 310 هجرية:
{ يقول تعالـى ذكره: ويوم تـجيء ساعة البعث، فـيبعث الـخـلق من قبورهم، يقسم الـمـجرمون، وهم الذين كانوا يكفرون بـالله فـي الدنـيا، ويكتسبون فـيه الآثام، وإقسامهم: حلفهم بـالله. { ما لَبِثُوا غيرَ ساعَةٍ }: يقول: يقسمون بأنهم لـم يـلبثوا فـي قبورهم غير ساعة واحدة. يقول الله جلّ ثناؤه: كذلك فـي الدنـيا كانوا يُؤْفَكُون: يقول: كذبوا فـي قـيـلهم وقَسَمِهِم ما لبثنا غير ساعة، كما كانوا فـي الدنـيا يكذبون ويحلفون علـى الكذب وهم يعلـمون. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك, وجاء ايضا: فى تفسيره للآية (كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا )..الآية
ولكنهم لما بعثوا قالوا كما جاء فى: الآية52 من سورة يس: { قالُوا يا وَيْـلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هَذَا ما وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الـمُرْسَلُونَ }
وجاء في تفسير الطبري للآية52 من سورة يس:
وقوله: { قالُوا يا وَيْـلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هَذَا ما وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الـمُرْسَلُونَ } يقول تعالـى ذكره: قال هؤلاء الـمشركون لـما نُفخ فـي الصور نفخة البعث لـموقـف القـيامة فردّت أرواحهم إلـى أجسامهم، وذلك بعد نومة ناموها: { يا وَيْـلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا } وقد قـيـل: إن ذلك نومة بـين النفختـين. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك):
وفى هذا التفسير من قال أن الكفار ناموا بين النفختين فهذا مردود عليه من القرآن نفسه في قول الله جل وعلى في سورة :
الزمر 68 ( وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ )
فلو كانوا أحياء ليعذبوا فى قبورهم فأنهم لن يناموا بين النفختين كما ذكر ذلك ولكنهم سوف يصعقوا ويموتوا أيضا مع باقي الخلائق كما جاء فى سورة الزمر آية68 ويكون اختل العدد الذي ذكره الله فى القرآن , سورة غافر 11 ( قَالُواْ رَبَّنَآ أَمَتَّنَا ٱثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا ٱثْنَتَيْنِ فَٱعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ ) وأصبح العدد أماتنا الله ثلاثة وأحيانا ثلاثة.
إما الإمام القرطبي المتوفى في 671هجرية فى كتابه الجامع لأحكام القرآن, لم يعطى تفسير لهذه الآية –[الروم 55 ] (وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُقْسِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُواْ غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُواْ يُؤْفَكُونَ)- ولكنه قال ان هذا لا ينفى عذاب القبر إذا كان قال بذلك الرسول عليه الصلاة والسلام
فالإمام غير متأكد من هذا الحديث انه عن رسول الله وإلا ما قال إذا كان قال بذلك الرسول عليه الصلاة والسلام!! وكذلك هذه الآية ليس فيها ما يؤكد عذاب القبر .
(ومن ناحية أخرى جاء في تفسير القرطبي الجامع لأحكام القرآن هذا الحديث:
وأخرّج البخاري ومسلم عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (" إن أحدكم إذا مات عُرِض عليه مقعده بالغداة والعشيّ إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل النار فيقال هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة.).
وجاء في تفسير القرطبى لهذه الآية: الآية: 28 {كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون} ردا على القول بعذاب القبر:
(وقيل: كنتم أمواتا - أي نطفا - في أصلاب الرجال وأرحام النساء، ثم نقلكم من الأرحام فأحياكم، ثم يميتكم بعده هذه الحياة، ثم يحييكم في القبر للمسألة، ثم يميتكم في القبر، ثم يحييكم حياة النشر إلى الحشر، وهي الحياة التي ليس بعدها موت قلت: فعلى هذا التأويل هي ثلاث موتات، وثلاث إحياءات. وكونهم موتى في ظهر آدم، وإخراجهم من ظهره والشهادة عليهم غير كونهم نطفا في أصلاب الرجال وأرحام النساء، فعلى هذا تجيء أربع موتات وأربع إحياءات. وقد قيل: إن الله تعالى أوجدهم قبل خلق آدم عليه السلام كالهباء ثم أماتهم، فيكون على هذا خمس موتات، وخمس إحياءات. وموتة سادسة للعصاة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم إذا دخلوا النار، لحديث أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أما أهل النار الذي هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون ولكن ناس أصابتهم النار بذنوبهم - أو قال بخطاياهم - فأماتهم الله إماتة حتى إذا كانوا فحما أذِن في الشفاعة فجيء بهم ضبائر ضبائر فبثوا على أنهار الجنة ثم قيل يا أهل الجنة أفيضوا عليهم فينبتون نبات الحبة تكون في حميل). فقال رجل من القوم: كأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان يرعى بالبادية. أخرجه مسلم.))
نفهم من ذلك أن العذاب للكافرين والنعيم للمؤمنين لا يكون إلا يوم القيامة وليس فى القبر
أما الشيخ الشعراوى ذكر في خواطره:
((لماذا يستقلّ الكفار الزمن فيُقسمون يوم تقوم الساعة ما لبثوا غير ساعة؟ وفي موضع آخر يقول عنهم:{ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا }[النازعات: 46].قالوا: لأن الزمن يختلف بحسْب أحوال الناس فيه، فواحد يتمنى لو طال به الزمن، وآخر يتمنى لو قصر، فالوقت الذي يجمعك ومَنْ تحب يمضي سريعاً وتتمنى لو طال، على خلاف الوقت الذي تقضيه على مَضض مع مَنْ تكره، فيمر بطيئاً متثاقلاً.
{ وعجيب أنْ يقسم الكفار يوم القيامة { مَا لَبِثُواْ غَيْرَ سَاعَةٍ... } [الروم: 55] فإنْ كذبوا في الدنيا، فهل يَكذْبون أيضاً في الآخرة؟ قالوا: بل يقولون ذلك على ظنهم، وإلا فالكلام منهم في هذا الوقت ليس اختيارياً، فقد مضى وقت الاختيار، ولم يَعُدْ الآن قادراً على الكذب.}. والإحساس بالزمن لا يكون إلا مع الحياة والوعي؟ على أن الحس الإنساني ليس هو المقياس الدقيق للحقيقة؛ فهو يخدع ويضل؛ فيرى الزمن الطويل المديد قصيراً لملابسة طارئة؛ كما يرى اللحظة الصغيرة دهراً طويلاً لملابسة طارئة كذلك!. }.
كلام الشيخ الشعراوى واضح ولا يشير في تفسيره للآية إلى عذاب القبر ويؤكد ظنهم لما اقسموا أنهم لم يلبثوا فيها غير ساعة لأنهم لم يحسوا بالزمن وبالتالي لم يعذبوا في قبورهم ولو كانوا في عذاب لطال عليهم الزمن وما اقسموا هذا القسم أمام الله عز وجل .
وجاء فى سورة المؤمنون 112 {
قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ }.
وجاء فى خواطر الشيخ الشعراوى لهذه الآية:
((لبث: مكث وأقام، فالمعنى: ما عدد السنين التي ظللتموها في الأرض، لكن لماذا هذا السؤال؟قالوا: لأن الذي شغلكم عن دين يضمن لكم ميعاداً خالداً، ونعيماً باقياً هو الدنيا التي صرفتكم بزينتها وزخرفها وشهواتها - وعلى فرض أنكم تمتعتم بهذا في الدنيا - فهل يُقارن بما أُعِدَّ للمؤمنين في الآخرة من النعيم المقيم الذي لا يفوتهم ولا يفوتونه؟والقيامة حين تقوم ستقوم على قوم ماتوا في ساعتها، فيكون لبثهم قريباً، وعلى أناس ماتوا من أيام آدم فيكون لبثهم طويلاً، إذن: فاللبث في الأرض مقول بالتشكيك كما يقولون، لكن هل يدرك الأموات المدة التي لبثوها في الأرض؟ معلوم أنهم لا يدركون الزمن؛ لأن إدراك الزمن إنما يتأتَّى بمشاهدة الأحداث، فالميت لا يشعر بالزمن؛ لأنه لا يعيش أحداثاً، كالنائم لا يدري المدة التي نامها، وكُلُّ مَنْ سُئِلَ هذا السؤال قال { يَوْماً أَوْ بَعْضَ.. } [البقرة: 259].قالها اليعازر الذي أماته الله مائة عام ثم بعثه، وقالها أهل الكهف الذين أنامهم الله ثلاثمائة سنة وتسعاً؛ لأن هذه هي أطول مدة يمكن أن يتخيلها الإنسان لنومه، ولا يستطيع النائم تحديد ذلك بدقة؛ لأن الزمن ابْنُ الحدث، فإن انعدم الحدث انعدم الزمن.لذلك يقول تعالى عَمَّنْ ماتوا حتى من أيام آدم عليه السلام:{ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا } [النازعات: 46].وكذلك يقول هؤلاء أيضاً في الإجابة على هذا السؤال: { قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ.. }. (({ قالَ إنْ لَبِثْتُـمْ }..الآية))
هذا ما جاء أيضا في خواطر الشيخ الشعراوى الذي يؤكد أن الأموات لا يحسون بالزمن وضرب مثلا اليعازر الذي أماته الله مائة عام ثم بعثه ولما سأله عن مدة بقائه قال يوم أو بعض يوم , وكذلك أهل الكهف رغم أنهم لم يموتوا بل كانوا أحياء ولكنهم نيام ولم يحسوا بالزمن.
وجاء فى تفسير الطبري وهو من أهم المفسرين للقرآن ما يلى :((ووجَّه هؤلاء تأويـل الكلام إلـى أن الله قال لهؤلاء الأشقـياء من أهل النار وهم فـي النار: { كَمْ لَبِثْتُـمْ فِـي الأرْضِ عَدَدَ سِنِـينَ } وأنهم أجابوا الله فقالوا: { لَبِثْنا يَوْماً أوْ بَعْضَ يَوْمٍ } ، فنسي الأشقـياء، لعظيـم ما هم فـيه من البلاء والعذاب، مدة مكثهم التـي كانت فـي الدنـيا، وقَصُر عندهم أمد مكثهم الذي كان فـيها، لـما حلّ بهم من نقمة الله، حتـى حسبوا أنهم لـم يكونوا مكثوا فـيها إلا يوماً أو بعض يوم، ولعلّ بعضهم كان قد مكث فـيها الزمان الطويـل والسنـين الكثـيرة.)).
يؤكد الطبري أن الكافرين لما أجابوا عن مدة بقائهم في الدنيا ولم يحسوا بزمن ما بعد الموت حتى يوم القيامة.
وجاء فى اختصار الصابوني(مختصر تفسير ابن كثير):
(({كيف تكفرون باللّه وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون}، وقوله: {قل اللّه يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه}، وقوله: {قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين} ومعنى الكلام كيف تجعلون للّه أنداداً وتعبدون معه غيره، وهو المستقل بالخلق والرزق والتصرف، {وهو الذي أحياكم} أي خلقكم بعد أن لم تكونوا شيئاً يذكر فأوجدكم، {ثم يميتكم ثم يحييكم} أي يوم القيامة، {إن الإنسان لكفور} أي جحود لربه.))
وجاء في الجامع لأحكام القرآن للإمام القرطبي في تفسيره :
الآية: 66 {وهو الذي أحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم إن الإنسان لكفور}
قوله تعالى: "وهو الذي أحياكم" أي بعد أن كنتم نطفا. "ثم يميتكم" عند انقضاء آجالكم. "ثم يحييكم" أي للحساب والثواب والعقاب. "إن الإنسان لكفور" أي لجحود لما ظهر من الآيات الدالة على قدرته ووحدانيته. قال ابن عباس: يريد الأسود بن عبد الأسد وأبا جهل بن هشام والعاص بن هشام وجماعة من المشركين. وقيل: إنما قال ذلك لأن الغالب على الإنسان كفر النعم؛ كما قال تعالى: "وقليل من عبادي الشكور" [سبأ: 13]
على هذا التفسير فان الإنسان يموت ويبعث يوم القيامة ولا يحيى في القبر ليعذب ومن الطبيعي لا عذاب للميت لأنه لا يحس بالعذاب.
اما الذين يستدلون على عذاب القبر بهذه الآية :
))ٱلنَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدْخِلُوۤاْ آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ ٱلْعَذَابِ } فقد جاء فى تفسير
جاء فى تفسير جامع البيان فى تفسير القرآن للإمام الطبري فى تفسير هذه الآية من سورة غافر46 {ٱلنَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدْخِلُوۤاْ آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ ٱلْعَذَابِ }
((يقول تعالى ذكره مبيناً عن سوء العذاب الذي حلّ بهؤلاء الأشقياء من قوم فرعون ذلك الذي حاق بهم من سوء عذاب الله { النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها } إنهم لما هلكوا وغرّقهم الله، جُعلت أرواحهم في أجواف طير سود، فهي تعرض على النار كلّ يوم مرتين { غُدُوّا وَعَشِيًّا } إلى أن تقوم الساعة. ذكر من قال ذلك) .
نستنتج من هذا القول ان آل فرعون لا يعذبوا فى قبورهم ولكن يعرضون فقط كما نصت الآية الكريمة
وجاء في تفسير القرطبي للآية 46 من سورة غافر:
(وخرّج البخاري ومسلم عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن أحدكم إذا مات عُرِض عليه مقعده بالغداة والعشيّ إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل النار فيقال هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة " قال الفراء: في الغداة والعشيّ بمقادير ذلك في الدنيا. وهو قول مجاهد. قال: «غُدُوًّا وَعَشِيًّا» )
وجاء عن بن كثير فى تفسيره للقرآن الكريم
((وقال ابن جرير: حدثنا عبد الكريم بن أبي عمير، حدثنا حماد بن محمد الفزاري البلخي قال: سمعت الأوزاعي، وسأله رجل فقال: رحمك الله رأينا طيوراً تخرج من البحر تأخذ ناحية الغرب بيضاً، فوجاً فوجاً، لا يعلم عددها إلا الله عز وجل، فإذا كان العشي، رجع مثلها سوداً، قال: وفطنتم إلى ذلك؟ قال: نعم، قال إن ذلك الطير في حواصلها أرواح آل فرعون، يعرضون على النار غدواً وعشياً، فترجع إلى وكورها وقد احترقت أرياشها، وصارت سوداً، فينبت عليها من الليل ريش أبيض، ويتناثر الأسود، ثم تغدو على النار غدواً وعشياً، ثم ترجع إلى وكورها، فذلك دأبهم في الدنيا، فإذا كان يوم القيامة، قال الله تعالى: { أَدْخِلُوۤاْ ءَالَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ ٱلْعَذَابِ) )).
هذا الكلام لا دليل عليه ولو صح هذا لرأينا هذه الطيور كما رأوها والى أن تقوم الساعة.
هذا حال آل فرعون بعد الموت وقبل البعث وهم ابغض خلق الله إلى الله لا يعذبوا في قبورهم ولكن يعرضون على النار غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة يدخلوا النار ليعذبوا فيها ولو كان هناك عذاب في القبر لهم أحق بهذا العذاب ولكن آل فرعون حاله متفردة عن باقي المجرمين(الكفرة) في أن يكونوا أحياء ويعرضون على النار ولا يعذبوا بها إلا يوم القيامة كما أن الله جعل الشهداء حالة متفردة من المؤمنين في أنهم أحياء وليسوا أموات كما جاء في الآية"ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون" [آل عمران: 169]. هذا حال الشهداء وهم الفئة الوحيدة من المؤمنين الذي قال الله عنهم إنهم أحياء كما أن آل فرعون هم الفئة الوحيدة من الكفار الذي قال الله عنهم أنهم يعرضون على النار غدوا وعشيا ومن الطبيعي أن يكونوا أحياء وليسوا أمواتا.
وجاء في سورة التكوير(وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَت):
وجاء فى ظلال القرآن للمرحوم سيد قطب:
((وتزويج النفوس يحتمل أن يكون هو جمع الأرواح بأجسادها بعد إعادة إنشائها))
وجاء في لجامع لأحكام القرآن للإمام القرطبي في تفسيره لهذه الآية:
((وقال آخرون: بل عُنِي بذلك أن الأرواح ردّت إلى الأجساد فزوّجت بها: أي جعلت لها زوجاً. ذكر من قال ذلك))
وقد اجمع العلماء على معنى هذه الآية أن النفوس تدخل إلى الجسد الذي كانت تعيش به في الدنيا آي النفس والجسد ليكون الإنسان الذي يقف بين يدي الله تبارك وتعالى للحساب
معنى ذلك أن النفس لا تعود للجسد-- الذي يجمعه الله من الفناء-- بعد خروجها منه عند الموت ألا يوم البعث ليكون إنسان كاملا حياْ كما كان حاله في الدنيا وهذا ينفى عذاب القبر لان العذاب لا يكون لميت.
جاء في سور:
آل عمران 182 ( ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ.)
ق 29 (مَا يُبَدَّلُ ٱلْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَآ أَنَاْ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ)
وسورة(الانفال51&الحج10&فصلت46&).
وفى تفسير الطبرى للاية182 من آل عمران:
((وأما قوله: { ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ }: أي قولنا لهم يوم القـيامة: ذوقوا عذاب الـحريق بـما أسلفت أيديكم، واكتسبتها أيام حياتكم فـي الدنـيا، وبأن الله عدل لا يجور، فـيعاقب عبداً له بغير استـحقاق منه العقوبة، ولكنه يجازي كلّ نفس بـما كسبت، ويوفـي كل عامل جزاء ما عمل، فجازى الذين قال لهم يوم القـيامة من الـيهود الذين وصف صفتهم، فأخبر عنهم أنهم قالوا: إن الله فقـير ونـحن أغنـياء، وقتلوا الأنبـياء بغير حقّ، بـما جازاهم به من عذاب الـحريق، بـما اكتسبوا من الآثام، واجترحوا من السيئات، وكذبوا علـى الله بعد الإعذار إلـيهم بـالإنذار، فلـم يكن تعالـى ذكره بـما عاقبهم به من إذاقتهم عذاب)).
وجاء فى القرطبى:
((فلـم يكن تعالـى ذكره بـما عاقبهم به من إذاقتهم عذاب الـحريق ظالـماً ولا واضعاً عقوبته فـي غير أهلها، وكذلك هو جلّ ثناؤه غير ظلام أحداً من خـلقه، ولكنه العادل بـينهم، والـمتفضل علـى جميعهم بـما أحبّ من فواضله ونعمه.))
اما الشيخ الشعراوى قال فى هذه الآية:
(({ ذٰلِكَ } إشارة إلى عذاب الحريق. والحق سبحانه لم يظلمهم، لكنهم هم الذين ظلموا أنفسهم. { بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهم)
الذي لا يستطيع أن ينكره مسلم أن الله ليس بظلام للعبيد أى جميع خلقه وليس فقط المؤمنون.
وإذا كان هناك عذاب في القبر فهل يستوي الذي مات قبل القيامة بيوم أو حتى قرن من الزمن مثلا مع من مات كافرا من أيام نوح عليه السلام؟ هذا لن يكون لأن الله عادل ومن عدل الله ألا يدخل النار يوم القيامة من آهل النار إلا وقد تأكد من عدل الله وان الله لم يظلمه كذلك لن يدخل الجنة من أهل الجنة إلا وهو متأكد من رحمة الله فأنه جلا جلاله ليس بظلام للعبيد .
وجاء فى تفسير الشيخ الشعراوي (خواطره) للآية 55من سورة طه ما يلي.:
((وذلك لأن الجسد بعد أنْ فارقته الروح سرعان ما يتحول إلى جيفة لا تطاق حتى من أمه وأقرب الناس إليه، أما الأرض فإنها تحتضنه وتمتصُّ كل مافية من أذى.))
من ناحية أخرى أن الجسد الذي نبت من الأرض انه يعود مرة أخرى إلى الأرض وان العذاب يقع على الجسد والنفس ولكن الجسد قد تحلل إلى مواده الأولى وقد يقول قائل أن الله قادر أن يعذبه كيف ما يكون نعم وقدرة الله مطلقه ولكن الله قال إننا خرجنا من الأرض واليها نعود تارة أخرى كما جاء فى سورة طه 55 {منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى} (طه الآية 55). وجاء في الدر المنثور في التفسير بالمأثور للإمام جلال الدين السيوطي ما نصه:
(وأخرج البخاري في الضعفاء عن عبد الغفور بن عبد العزيز بن سعيد الأنصاري عن أبيه عن جده "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أن الله تعالى يمسخ خلقا كثيرا، وأن الإنسان يخلو بمعصيته فيقول الله تعالى استهانة بي، فيمسخه ثم يبعثه يوم القيامة إنسانا يقول {كما بدأكم تعودون} ثم يدخله النار).وجاء أيضا :
من هذا الحديث يكون العذاب فقط يوم القيامة وليس فى القبر(والله أعلى واعلم).
وأخرج أحمد والحاكم، عن أبي أمامة قال: لما وضعت أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى} "بسم الله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله).

وعلى هذا من مات وهو كافر من بعد آدم يعذب إلى يوم القيامة مهما طال الزمن ومن مات قبل قيام الساعة بيوم مثلا يعذب هو الآخر هذا اليوم الباقي من عمر الدنيا ثم يردوا جميعهم إلى النار يوم القيامة لأنهم كفار, والسؤال هنا :
ما ذنب الكافر الذي خلقه الله في بداية الخلق :؟
السؤال الآخر :
هل يكون من العدل أن يعذب الأول كما يعذب الثاني ؟
الله كتب على نفسه العدل وانه العادل ويبغض الظلم (ولا يظلم ربك احدا).
ويعنى لا عذاب في القبر للكافر وكذلك لا تنعم للمؤمن في القبر إنما الجزاء كله يكون يوم القيامة والله أعلى واعلم.
قال الألباني في “ السلسلة الضعيفة و الموضوعة ،،" الحديث المشهور والذي جاء فيه
(“ من مات فقد قامت قيامته "حتى هذا الحديث المشهور والذي أورده الألباني رحمه الله فى سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة إذن هو حديث موضوع أو على أكثر تقدير ضعيف, وكان ممكن من هذا الحديث لو كان صحيح يمكن أن نستدل به على عذاب القبر للكافر أو تنعم المؤمن بالنعيم فى القبر ايضا.
هذه تفاسير بعض المفسرين القدامى والمعاصرين لبعض آيات القرآن الكريم والتي نستنتج منها أن الإنسان يموت ويرفع الزمن ولا يدرى بفترة بقائه في قبره ولا يكون هناك عذاب في القبر وإذا كان الرسول أشار إلى احد القبور وقال انه يعذب فهذا بما علمه من علم الله له أن صاحب القبر يعذب يوم القيامة وليس في قبره واختم مرة أخرى بما جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما: (إن كتاب اللّه هو الذي يجب العمل به، وحيث ورد مطلقاً فلا يقيده الحديث، ثم لينظر بعد ذلك للحديث، فإما أن تكون رواية غير صحيحة، وبذلك ينتهي الإشكال، وإما أن يكون صحيحاً ولكنه نسخ بهذه الآية أو بحديث آخر .
يارب إن كنت أصبت فارجوا ثوابك وان جانبني الصواب فارجوا رحمتك وغفرانك ولا تجعل رسولك الكريم خصمي يوم القيامة.
والله من وراء القصد والله أعلى واعلم وآخر دعوانا آن الحمد لله رب العالمين.
محمد إبراهيم عبد الغنى قطب –مصر
الإميل:emadkotob@yahoo.com
Mohamed_k47@hotmail.com.



ليست هناك تعليقات: