الجمعة، يوليو 31، 2009
التحدي بالقرآن-ليس بكلام بشر-اللوح المحفوظ
التحدي بالقرآن--ليس بكلام بشر
ألوح المحفوظ
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبعه باحسان الى يوم القيامة.
يقول الله في كتابه العزيز:A
بسم الله الرحمن الرحيم. ){ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ } * { فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ }(
ما هم الوح المحفوظ؟
جاء فى جامع فى تفسر القرآن للإمام الطبري رحمه الله :.
{ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ } * { فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ }
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { بَلْ هُوَ قُرآنٌ مَجِيدٌ } يقول: قرآن كريم.
اما الوح المحفوظ , { مَحْفُوظٍ } فقرأ ذلك من قرأه من أهل الحجاز، أبو جعفر القارىء، وابن كثير. ومن قرأه من قرّاء الكوفة عاصم والأعمش وحمزة والكسائي، ومن البصريين أبو عمرو { محفوظٍ } خفضاً على معنى أن اللوح هو المنعوت بالحفظ. وإذا كان ذلك كذلك كان التأويل في لوح محفوظ من الزيادة فيه، والنقصان منه، عما أثبته الله فيه. وقرأ ذلك من المكِّيين ابن مُحَيْصِن، ومن المدنيين نافع «مَحْفُوظٌ» رفعاً، ردّاً على القرآن، على أنه من نعته وصفته. وكان معنى ذلك على قراءتهما: بل هو قرآن مجيد، محفوظ من التغيير والتبديل في لوح.
والصواب من القول في ذلك عندنا: أنهما قراءتان معروفتان:
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا يحيى، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد { فِي لَوْحٍ } قال: في أمّ الكتاب.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ } عند الله.
وقال آخرون: إنما قيل محفوظ، لأنه من جبهة إسرافيل. ذكر من قال ذلك:
جاء فى تفسير القرطبى رحمه الله تعالى:
1/ مكتوب في لوح. وهو محفوظ عند الله تعالى من وصول الشياطين .
2/ هو أمّ الكتاب؛ ومنه انتُسخ القرآن والكتب.
3/ وروى الضحاك عن ابن عباس قال: اللوح من ياقوته حمراء، أعلاه معقود بالعرش وأسفله في حجر مَلَك يقال له ما طِرْيون، كتابه نور، وقلمه نور، ينظر الله عزّ وجلّ فيه كل يوم ثلثمائة وستين نظرة؛ ليس منها نظرة إلا وهو يفعل ما يشاء؛ يرفع وضيعا، ويضع رفيعاً، ويغنى فقيراً، ويفقر غنياً؛ يحيى ويميت، ويفعل ما يشاء؛ لا إله إلا هو.
اين الدليل هذا الكلام فليس هناك دليل.!!!!!!!!!!
4/ وقال أنس بن مالك ومجاهد: إن اللوح المحفوظ الذي ذكره الله تعالى في جبهة إسرافيل.
5/ اللوح المحفوظ الذي فيه أصناف الخلق والخليقة، وبيان أمورهم، وذكر آجالهم وأرزاقهم وأعمالهم، والأقضية النافذة فيهم، ومآل عواقب أمورهم؛ وهو أم الكتاب.
وأقوال أخرى مثل ما سبق.
جاء فى تفسير الجلالين رحمهما الله تعالى :
{ فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ }
{ فِى لَوْحٍ } هو في الهواء فوق السماء السابعة { مَّحْفُوظٍ } بالجر من الشياطين ومن تغيير شيء منه طوله ما بين السماء والأرض وعرضه ما بين المشرق والمغرب، وهو من درة بيضاء، قاله ابن عباس رضي الله عنهما.
جاء فى الظلال لسيد قطب رحمه الله تعالى :
(وهو في لوح محفوظ. لا ندرك نحن طبيعته، لأنه من أمر الغيب الذي تفرد الله بعلمه. إنما ننتفع نحن بالظل الذي يلقيه التعبير، والإيحاء الذي يتركه في القلوب. وهو أن هذا القرآن مصون ثابت، قوله هو المرجع الأخير، في كل ما يتناوله من الأمور. يذهب كل قول، وقوله هو المرعي المحفوظ.).
والرد على ذلك ان الله تعالي لم يدرج ألوح المحفوظ فى غيبياته لم ينفي عنا العلم به
وكما قلت قبل ذلك أن ما قاله أولهم هو ما انتهى إليه آخرهم في تفاسير القرآن.
.
جاء فى تفسير الدر المنثور فى التفسير بالمأثور للسيوطي من ضمن مقاله:
(وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " الألواح التي أنزلت على موسى كانت من سدر الجنة، كان طول اللوح إثني عشر ذراعاً ").
تنبيه:
ما ذكره المؤلف هنا من وصف الألواح بأنها كانت من سدر الجنة، أو زبرجد، لا يستخلص منه حكم شرعي، ولذلك تساهل في ذكر هذه الأوصاف المبنية على أحاديث ضعيفة، وذلك مقبول في التفسير والوعظ. قال الإمام أحمد بن حنبل أنهم في الرقائق (أي الأمور المتعلقة بالأخلاق) يتساهلون في الأسانيد، أما في الحلال والحرام، "فنريد رجالا هكذا"، وقبض بيده إشارة إلى القوة.
أما في الأمور التي يبنى عليها استنتاج الأحكام الشرعية، فإن العلماء والمفسرون، ومنهم السيوطي والمحلي، لا يأخذون إلا بالآثار الصحيحة.
وقد سها عن هذا التفصيل وعن هذه القاعدة الكثير من الكتاب والمعلقين، فبالغوا في التهويل على من تساهل في أسانيد التفسير، بدون تمييز حول موضوع التفسير ونوعه.]ـ
السؤال هو ما هو الوح المحفوظ وهل ما جاء فى كتب التفاسير هو الوح المحفوظ الذى تعنيه الآية الكريمة ؟.
ننظر إلى القرآن لنعرف معنى ألوح :
جاء فى كتاب الله العزيز ,بسم الله الرحمن الرحيم.
الأعراف 145 ) وَكَتَبْنَا لَهُ فِي ٱلأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا سَأُوْرِيكُمْ دَارَ ٱلْفَاسِقِينَ(
الأعراف 150 ) وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَٰنَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيۤ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى ٱلأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ٱبْنَ أُمَّ إِنَّ ٱلْقَوْمَ ٱسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ ٱلأَعْدَآءَ وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّٰلِمِينَ(
الأعراف 154 ) وَلَماَّ سَكَتَ عَن مُّوسَى ٱلْغَضَبُ أَخَذَ ٱلأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ(.
جاء فى القواميس معنى كلمة لوح هو السبورة او ما يكتب عليه من الخشب أو من الحديد أو من أي مادة ويكتب عليه
لنرى والله أعلى واعلم ما يقصد بكلمة (لوح) فى القرآن.
واضح من سرد قصة سيدنا موسى عليه السلام أن التوراة كانت فى ألواح وقالوا أنها من الحجارة أو كما ذكر فى الحديث الذي روى عن الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام الذي ورد فى تفسير السيوطي " الألواح التي أنزلت على موسى كانت من سدر الجنة، كان طول اللوح أثني عشر ذراعاً "). المهم أن الذي يكتب عليه كلام الله عز وجل الذي انزل على موسى عليه السلام سماه الله فى القرآن ألواح وكانت كثيرة والحجر الواحد اسمه لوح لأنه يصعب جمعه فى لوح واحد فى وقتها
وهذه الألواح هي التوراة وهو الكتاب الذى انزل على سيدنا موسى عليه السلام .
{ جاء فى خواطر الشبح الشعراوى رحمه الله تعالى:
{ يٰيَحْيَىٰ خُذِ ٱلْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ ٱلْحُكْمَ صَبِيّاً }
وقوله: { خُذِ ٱلْكِتَابَ } [مريم: 12] أي: التوراة، وفيها منهج الله الذي يُنظِّم لهم حركة حياتهم.
وإلا فقد قال تعالى في بني إسرائيل:
{ مَثَلُ ٱلَّذِينَ حُمِّلُواْ ٱلتَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ ٱلْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً }
ويكون القرآن الذي نعرفه كتب فى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم على رقاع من الجلد أو قطع من العظام وغيرها من المواد المتاحة فى البيئة ثم تطورت مواد الكتابة إلى انتهت إلى الكتابة على الورق ثم على شرائط من البلاستك ثم علىc.d وكما ذكر الله اسم الألواح على الحجارة التي كتبت عليها التوراة فيكون كل ما كتب عليه كلام الله يكون لوح لأنه جمعه كان سهلا فى وقتها وقد جمعه أبو بكر ومن بعد عثمان بن عفان ومنه يكون القرآن مكتوب فى لوح.
أما قول الله فى الآية الكريمة 42 من سورة البروج كلمة { مَّحْفُوظٍ } نرى ان الله جل شأنه قال عن القرآن الذي بين أيدينا فى سورة الحجر 9 (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ).
ويكون الوح المحفوظ الذي جاء ذكره فى سورة البروج 42 .
هو القرآن الذي بين أيدينا سواء كتب على ورق أو شرائط أو غيرها حسب تطور العلم يسمى لوح ةعلى ذلك وهو محفوظ من الله تعالى ولن يأتيه الباطل أبدا من بينيديه أو خلفه.
أما القول بان الوح المحفوظ هو ماجاءت به كتب التفاسير لا دليل عندهم على صحته .
والله أعلى واعلم.
تم بحمد الله تعالى عسى الله أن يجعل لي هذا الذي اكتبه فى ميزان حسناتي وآخر دعواي أن الحمد لله رب العالمين.
.والله من وراء القصد.
تم بحمد لله يوم الاثنين 19/1/2009 ميلادية الموافق 22من محرم سنة1430 هجر ية
الأميل:
emadkotob@yahoo.com
mohamed_k47@hotmail.com
عنوان المدونة على النت:
emadkotob
التحدي بالقرآن-ليس بكلام بشر
الخميس، يوليو 23، 2009
فأتوا بسورة من مثله
بسم الله الرحمن الرحيم
التحدي بالقرآن-ليس بكلام بشر
فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ
الأعجاز في القرآن الكريم (1) أ
وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين
تعريف الآية:
باختصار هي المعجزة البينة التي لا يستطيع الإنس ولا الجن أن يفعلا مثلها مهما بلغا من علم ومعرفة مهما كان مستواهما العلمي والثقافي في أي مكان وأي زمان والآية تنقسم إلى آيات مقروءة مثل آيات القرآن الكريم وآيات كونية كالتي أجراها الله عز وجل على أيد الأنبياء والرسل وكذلك آيات الله في الخلق فكل خلق الله آيات بينات واضحة لكل منصف وله عقل يعقل به.
ولأن القرآن معجز وهو رسالة من الله عز وجل للعالمين عالم الأنس و عالم الجن فلن يكون تحديه للعرب فقط في البلاغة وألا يكون مقصورا على العرب ولكن تحديه لابد أن يكون اشمل وأعم لكل الأجناس على جميع مستوياتهم ألعلميه والثقافية وفى كل مكان وزمان والدليل على أن الرسالة ألمحمديه للناس جميعا في كل مكان وكل زمان ما جاء في قول الله عز وجل (مآأصابك من حسنة فمن الله ومآ أصابك من سيئة فمن نفسك وأرسلناك للناس رسولا وكفى بالله شهيدا )النساء 79.
(هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ) ابراهيم52 .
(هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين) آل عمران138 .
( بِالْبَيِّنَاتِ والزير وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) ( النحل 44) .
( اقتَرَبَْ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ )(الكهف 54)
(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)سبأ28
ونرى مما سبق إن القرآن الذي هو دستور المؤمنين وكما أشرنا انزل للناس كافة وأنه لا تقتصر الدعوة المحمدية على جماعة دون جماعة ولا شعب دون شعب ولا زمن دون زمن ولكنه انزل لكل الناس ولكل الأزمنة.
ونعود لإعجاز القرآن فهو تحدى العرب فيما برعوا فيه وتحداهم أن ياتوابسورة مثله بعد أن سمعوه من النبي وزعموا أنه كلام مفترى ( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)يونس38 وتحداهم أن يأتوا بعشر سور مثله ويستعينوا بأي أحد من دون الله (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)هود13
في الآية ألتاليه يتحدى الله العرب أن يأتوا مثل هذا القرآن(قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا)الأسراء88.
مما سبق نرى أن الله جل شأنه تحدى العرب فيما برعوا فيه وهى البلاغة بعد أن سمعوه وقرؤوه وتدرج في التحدي من سورة مثله إلى عشرة سور مثله أو القرآن كله ولو اجتمع الأنس والجن لهذا الأمر ونلاحظ أن الله عز وجل لم يترك الحكم في هذا الشأن لأحد من الخلق(انس أو جن) أن ما يفترونه مثل القرآن ولكن الحكم له وحده جل شأنه دون أي أحد من خلقه (لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا)ولم يطلب منهم شهداء في الآيات السابقة لأنهم ليسوا مؤهلين للحكم فى هذا الشأن فالحكم لله وحده.
سبق أن أشرت أن الله جل شأنه تحدى العرب فيما برعوا فيه(يونس38,هود13,الاسراء88) ولأن الرسالة المحمدية رسالة للناس كافة فلابد أن يشمل التحدي كل الأجناس على مختلف نوعياتهم العلمية والثقافية في أي مكان وأي زمان كل فيما برع فيه.
أما هنا في سوره البقرة23-24-- الآية23 (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) )—الآية24 ( فَإِنْ لَمْ تنفعلوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ) .
هذا وقد اجتمع كل المفسرين القدامى والمعاصرين على أن هذه الآية مثل غيرها من آيات التحدي للعرب في أن يأتوا بسورة من القرآن كما في سور هود ويونس والإسراء كما أوضحنا من قبل فأين التحدي لغير العرب أو الناطقين بالعربية
ولنتدبر قليلا :.
أولا: ما هي السورة ؟:.
السورة كما نعرفها هي التي تحتوى على ثلاث آيات أو أكثر فسورة اٍنا أعطيناك الكوثر تعتبر سورة وهى لا تحتوى الأعلى ثلاث آيات كذلك سورة البقرة وهى أطول سورة في القرآن, ولأن آيات الله ليست في القرآن فقط بل إن الخلق كله آيات معجز فالآيات المرئية والآيات المسموعة, وفى أنفسنا فالسمع والبصر وخلق السماوات ولأرض والليل والنهار و كل شئ من مثل آيات القرآن وكل خلق الله آيات معجز ومن مثل آيات القرآن والقرآن يحتوى على 72موضع يشير فيها إلى آيات كونية(راجع مذكرة تفسير اآية106من سورة البقرة(مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (البقرة:106)
والله عز وجل تحدى العرب أن يأتوا مثل القرآن لأنهم أهل بلاغه ولم يتحداهم بان يأتوا من مثله ونعود إلى الآية محل النقاش
ا في هذه الآية(23وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَ ٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)( فَإِنْ لَمْ تنفعلوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ)الأيه24 من ألبقره
قل الشيخ الشعراوى فى تفسيره لهذه الآية :
{ وَإِن كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَٱدْعُواْ شُهَدَآءَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَٰدِقِينَ }
ثم يأتي التحدي من الله سبحانه وتعالى { فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ } والمطلوب أن يأتي العرب بسورة من مثل ما جاء به القرآن الكريم.
الشهود الذين يطلب الله دعوتهم هم شهود ضعفاء. شهود من البشر وليست شهادة من الله بالغيب.
والله سبحانه وتعالى وضع في هذه الآية معظم الشكوك لنفحصها، ولنصل فيما بعد ذلك إلى جوهر الإعجاز القرآني.
والحق سبحانه وتعالى تدرج في التحدي مع الكافرين. فطلب منهم أن يأتوا بمثل القرآن، ثم طلب عشر سور من مثله. ثم تدرج في التحدي فطلب سورة واحدة. والنزل في التحدي من القرآن كله إلى عشر سور. إلى سورة واحدة. دليل ضد من تحداهم. فلا يستطيعون أن يأتوا بمثل القرآن، فيقول: إذن فأتوا بعشر سور. فلا يستطيعون ويصبح موقفهم مدعاة للسخرية. فيقول: فأتوا بسورة. وهذا منتهى الاستهانة بالذين تحداهم الله سبحانه وتعالى وإثباتاً لأنهم لا يقدرون على شيء. وكلمة بمثل. معناها أن الحق سبحانه وتعالى يطلب المثيل ولا يطلب نص القرآن وهذا إمعان وزيادة في إظهار عجز القوم الذين لا يؤمنون بالله ويشككون في القرآن. وقوله تعالى: { وَٱدْعُواْ شُهَدَآءَكُم }.
معناه أن الله سبحانه وتعالى زيادة في التحدي يطالبهم بأن يأتوا هم بالشهداء ويعرضوا عليهم الآية ليحكم هؤلاء الشهود إذا كان ما جاءوا به مثل القرآن أم لا. أليس هذا إظهار منتهى القوة لله سبحانه وتعالى لأنه لم يشترط شهداء من الملائكة ولا شهداء من الذين اشتهر عنهم الصدق. وأنهم يشهدون بالحق. بل ترك الحق سبحانه لهم أن يأتوا بالشهداء وهؤلاء الشهداء لن يستطيعوا أن يشهدوا أن كلام هؤلاء المشككين يماثل سورة من القرآن.
الله سبحانه وتعالى طلب منهم أن يأتوا بأي شهداء متحيزين لهم. وأطلقها سبحانه وتعالى على كل أجناس الأرض فقال: { مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } ولكن إياكم أن تقولوا يشهد الله بأن ما جئنا به مثل القرآن. لأنكم تكونون قد كذبتم على الله وادعيتم شيئا لم يقله سبحانه وتعالى.
هذا مثل ما جاء به فى أمهات التفاسير ولكن.
بعض المعطيات لا يجب أن نغفلها وهى
أولا/: هنا في هذه الآية نجد(وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا)
المقصود هنا اللذين هم في شك من أن للكون خالق هو الله والقرآن كتاب من عنده أنزله على خاتم الأنبياء والرسل-صلى الله عليه وسلم فبالتالي لا يكون التحدي لهم من آيات القرآن وهم كثيرون على مر الزمان وهم من المشركين والكفار وخاصة من أصحاب العلم والثقافات المختلفة فلا يعقل أن يكون التحدي لهم بسورة من آيات القرآن(المقروءة) ولكن يكون التحدي فيما برعوا فيه من العلم
ثانيا :/ فَأْتُوا بِسُورَ ٍ مِنْ مِثْلِهِ
ثالثا:/ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ رابعا:/ )( فَإِنْ لَمْ تنفعلوا وَلَنْ تَفْعَلُوا نلقى نظرة على هذه المعطيات
أولا:/ فَأْتُوا بِسُورَ ٍ مِنْ مِثْلِهِ
بعض المفسرين ومنهم (الطبري) ذكروا أن مثل القرآن هو ألتوراة والإنجيل ولكن التوراة الذي بين يدي أهل الكتاب ليس هو التوراة الذي انزل على موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأذكى السلام أما الإنجيل الذي انزل على عيسى عليه السلام فأيهما من الأربع أناجيل التي بين يدي النصارى وهم كتبوا الكتاب بأيديهم وقالوا هذا من عند الله كما جاء فى البقرة 79 [ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ ٱلْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـٰذَا مِنْ عِنْدِ ٱللَّهِ] ورد الله عليهم بأنه ليس من عند الله وهم وهذا رد على ما جاء به تفسير الطبري.
ولكن لابد أن نتدبر هذه الآية:
أ:/أن الله عز وجل تحدى العرب بأن يأتوا بسورة مثله أو عشر سور مثله أو مثل القرآن كله في السور(يونس38-هود13-الاسراء88 (التكرار له مغزاه) أما ما جاء في هذه الآية [فَأْتُوا بِسُورَ ٍ مِنْ مِثْلِهِ]
إذن المطلوب هو سورة من مثله وليس مثله
ثانيا:/ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ
هنا التحدي من الله عز وجل أن من يأتوا بسورة من مثل القرآن عليه أن يأتوا بشهدائهم (شهداء من مثلهم غير مؤمنين بالله) ليقولوا شهادتهم فيما يزعموا –(هذا ما حدث بالفعل فمسيلمة الكذاب مدعى النبوة افترى كلاما وأدعى أنه مثل القرآن وصدقه قوم كثيرين,-إذا اللذين قالوا بان تفسير ألآية23,24 من سورة البقرة هي تحدى للعرب باللغة جانبهم الصواب خاصة وأن كثيرا من المهووسين فعلوا مثل مسيلمة الكذاب وصدقوهم أقوامهم وكانوا عدد غير قليل.
ب:/إذا افترضنا أن تفاسير جميع المفسرين بأن( فَأْتُوا بِسُورَ ٍ مِنْ مِثْلِه) هو تحدى للعرب أيضا بأن يأتوا بسورة من القرانِ مثل الآيات التالية يونس38,هود ،ألاسراء88 وبذلك يكون آيات التحدي كلها فى القرآن موجه للعرب فقط أو الناطقين بالعربية رغم أن الله عز وجل أرسل رسوله ألي الناس كافة إذا أين التحدي للآخرين من غير العرب ونحن نقول إن القرآن هو معجزة الرسول الباقية دائما على مر الزمان؟
ج/: التوراة والإنجيل آمنوا بهم مليارات من اليهود والنصارى وهذا ضد التفاسير لأن الله تحداهم أن يأتوا بشهدائهم ليشهدوا انه مثل آيات الله وقد آمن اليهود والنصارى أن التوراة والأناجيل الأربعة هي الكتب السماوية الوحيدة وهم شهود على ذلك.
ثالثا:/ )( فَإِنْ لَمْ تفعلوا وَلَنْ تَفْعَلُوا:/
(فاٍن لم تفعلوا)
المعروف أن (لم) تنفى الفعل في الماضي وهذا حكم الله عز وجل من يوم أن نزلت هذه الآبه على الرسول عليه أفضل الصلاة وأذكى السلام ونحن نقراها ألان ويكون ما سبقنا هو ماضي والمفروض إننا اليوم لم نسمع عن مثل مسيلمة الكذاب أو غيره ولكن مسيلمة الكذاب وأمثاله ممن ادعوا النبوة وافتروا من عندهم كلام يزعمون أنه من عند الله وآمن لهم آلاف من الناس وهذا دليلا آخر على أن التفاسير السابقة والمعاصرة جانبها الصواب
ثالثا:/ )( وَلَنْ تَفْعَلُوا)
المعروف أيضا أن(لن) تنفى الفعل في المستقبل والمستقبل هنا من يوم أن نزلت هذه الآيات من سورة البقرة24,23 على الرسول 0(عليه الصلاة والسلام) ولكن فعلها مدعين النبوة كما سبق أن أوضحت في الفقرة السابقة
مما سبق نرىٍ أن الذين فسروا هذه الآيات 23/24 من سورة البقرة لم يأخذوا بهذه المعطيات التي أوضحتها ولذلك جانبهم الصواب
إنني اعتقد أن الآية 26 من سورة البقرة هي التي سوف تفسر الآيات التي نحن يصددها كيف؟
الآية 26 بسم الله الرحمن الرحيم
(الحج 73 يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَٱسْتَمِعُواْ لَهُ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً وَلَوِ ٱجْتَمَعُواْ لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ ٱلذُّبَابُ شَيْئاً لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ ٱلطَّالِبُ وَٱلْمَطْلُوبُ )
()إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ) (البقرة:26)
ثم يوضح الله تعالى التحدي لغير العرب من الكفار والمشركين في أن يخلقوا ذبابة(لأنها آية من آيات الله ) ويأتوا بشهداء منهم يشهدوا لهم بان هذه ألذبابه مثل التي خلقها الله في كل صفاتها
)يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) (الحج:73)
الله عز وجل أمرنا أن نتدبر القرآن)أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) (النساء:82)
)أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (محمد:24)
ولأن القرآن يفسر بعضه بعضا ولا تفسر آية بمفردها دون النظر والربط بين باقي الآيات وهذا من مجمل إعجاز هذا الكتاب الخالد.
نجد هنا أن الله عز وجل يضرب مثلا للذين كفروا (ما بعوضة فما فوقها) البعوضة تحتوى على آيات بينات كثيرة جدا-(فالسمع والبصر والنمو والتكاثر وغيرها من وظائف الحياة كلها آيات بينات في البعوضة)- بذلك تعتبر سورة من سور الله عز وجل في خلقه وهى (من) مثل سور القرآن وهنا يتحدى الله هؤلاء --(المشركين والكافرين ممن لا يؤمنون أصلا بالله خالق الكون والقرآن كلامه )—الخلق جميعا على مر الزمان وعلى مختلف لغاتهم وثقافاتهم وعلمهم أن يخلقوا بعوضة ويأتون بشهداء من عندهم ليقولوا أن ما صنعوه مثل البعوضة التي خلقها الله عز وجل في كل شئ من وظائف الحياة المختلفة وهذا لم يحدث حتى ألان ولن يحدث إن شاء الله وهذا هو الحق من ربنا.
الخلاصة :
أن الله عز وجل تحدي العرب أهل اللغة بان يأتوا بسورة أو عشرة سور مثله أو قرآن مثله.
أن الله لم يترك الحكم فى هذا لأي شخص مهما كان ولكن ترك الحكم فيها إلى نفسه جل وعلي
الله تحدي غير العرب وعلى كل المستويات العلمية والثقافية فى كل مكان وزمان أن يخلقوا ما ذبابة وهى سورة من مثل سور القرآن فكلاهما آيات بينات من الله وعليهم أن يأتوا بشهداء من عندهم ليقولوا أن هذه الذبابة مثل الذبابة التي خلقها الله تعالى .
إلى الآن لم ولن يكون لأي إنسان أن خلق أو سيخلق ما ذبابة وصدق الله العظيم فى هذا التحدي لكل علماء الغرب والشرق فى كل مكان وزمان.
اللهم أنك تعلم أنني أجتهد قدر علمي المتواضع فان كنت أصبت فمن فيض علمك وان كنت أخطأت فمن جهلي فاغفر لي خطئي وجهلي ولكن لعلمي اليقين بأنك أنت الغفور الرحيم –والحمد لله رب العالمين
محمد إبراهيم عبد الغنى قطب في 12/03/04
الإميل:-
emadkotob@yahoo.com
mohamed_k47@hotmail.com
العنوان على المدونة:
Emadkotob
التحدي بالقرآن –ليس بكلام بشر
الأربعاء، يوليو 22، 2009
التحدي بالقرىن-ليس بكلام بشر الروح
بسم الله الرحمن الرحيم
التحدي بالقرآن--ليس بكلام بشر
الروح
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين.
يقول الله جل شأنه في كتابه العزيز,بسم الله الرحمن الرحيم [وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً] (الإسراء:85.)
في تفسير هذه الآية :/
قال الطبري:
(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} ْ
"يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: ويسألك الكفـار بـالله من أهل الكتاب عن الروح ما هي؟ قل لهم: الروح من أمر ربـي، وما أوتـيتـم أنتـم وجميع الناس من العلـم إلا قلـيلاً. وذُكِر أن الذين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الروح، فنزلت هذه الآية بـمسألتهم إياه عنها، كانوا قوماً من الـيهود. ذكر الرواية بذلك.
وجاء في الجامع لأحكام القرآن للقرطبي رحمه الله:
ذهب أكثر أهل التأويل إلى أنهم سألوه عن الروح الذي يكون به حياة الجسد. وقال أهل النظر منهم: إنما سألوه عن كيفية الروح ومسلكه في بدن الإنسان، وكيف امتزاجه بالجسم واتصال الحياة به، وهذا شيء لا يعلمه إلا الله عز وجل. وقال أبو صالح: الروح خلق كخلق بني آدم وليسوا ببني آدم، لهم أيد وأرجل. والصحيح الإبهام لقوله: «قل الروح من أمر ربي» دليلٌ على خَلْقِ الروحِ أي هو أمر عظيم وشأن كبير من أمر الله تعالى، مبهماً له وتاركاً تفصيله، ليعرف الإنسان على القطع عجزه عن علم حقيقة نفسه مع العلم بوجودها. وإذا كان الإنسان في معرفة نفسه هكذا كان بعجزه عن إدراك حقيقة الحق أولى. وحكمة ذلك تعجيز العقل عن إدراك معرفة مخلوق مجاور له، دلالة على أنه عن إدراك خالقه أعجز.
وقوله تعالى: { وَمَآ أُوتِيتُم مِّن ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً } اختلف فيمن خوطب بذلك؛ فقالت فرقة: السائلون فقط. وقال قوم: المراد اليهود بجملتهم. وعلى هذا هي قراءة ابن مسعود «وما أوتوا» ورواها عن النبيّ صلى الله عليه وسلم. وقالت فرقة: المراد العالم كله. وهو الصحيح،)
وجاء في تفسير الشيخ الشعراوى:
قالوا: ("الروح التي بها حركة الحياة إذا وُجِدَتْ في الإنسان تعطي مادية الحياة، ومادية الحياة شيء، وقيَمُ الحياة شيء آخر، فإذا ما جاءك شيء يعدل لك قيم الحياة فهل تُسمِّيه روحاً؟ لا، بل هو روح الروح؛ لأن الروح الأُولى قصاراها الدنيا، لكن روح المنهج النازل من السماء فخالدة في الآخرة، فأيُّهما حياته أطول؟ واستطرد بقوله:
أي: أن هذه من خصوصياته هو سبحانه، وطالما هي من خصوصياته هو سبحانه، فلن يطلع أحداً على سِرِّها. وهل هي جوهر يدخل الجسم فيحيا ويسلب منه فيموت، أم هي مراد (بكُنْ) من الخالق سبحانه، فإنْ قال لها كُنْ تحيا، وإنْ قال مِتْ تموت؟.")
هذا ما قاله المفسرون ولا أجد أي داعي إن اذكر كل ما جاء في التفاسير الأخرى وذلك السبب أن هناك من قدامى المفسرين من قال ذلك واستمر معنا.. أولهم قال هذا فثبت عند آخرهم.. والمعتاد عند المفسرين كالمعتاد عند الموظفين.. أول توقيع هو الذي يحرك الورقة ثم يوقع الثاني علي توقيع الأول ويوقع الثالث علي توقيع الثاني.. الأول هو الذي يحدد ما فهم الأخير فلو أخطا يستمر الخطأ.. ولو راجع أحد ما قال الأول فإنه يتهم بما لا يطيق.. فمن الذي يجرؤ علي مراجعة القرطبي وابن كثير مثلا؟.
لقد جعلوا للمفسرين قداسة حتي إن مراجعة كلامهم يعد خروجا عن المألوف.. إننا لا نقول إن ما جاء منهم خطأ وإنما نقول إنه ربما كانت هناك معانٍ أخري وإلا ما كان هناك مبرر لوجود أكثر من مفسر.
أولا هل الروح هي الوسيلة التي جعلها الله تبارك وتعالي في الكائن الحي لتمده بالحياة وإذا تركته مات الكائن الحي ؟).
هناك حديث مشهور عن الرسول صلى الله عليه وسلم:
يقول الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم في حديث جاء في تحفة الأحوزي شرح جامع الترمذي,لمحمد بن عبد الرحمن المباكفوري
حديث ابن مسعود قال: {حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوماً، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله إليه ملكاً بأربع كلمات يكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح}. متفق عليه انتهى .
(هذا الحديث لم يذكره الإمام محمد بن نصر الدين الألباني في الأحاديث الصحيحة أو حتى في الأحاديث الضعيفة وحسب رأيه أن الحديث الذي لا يذكر في الأحاديث الصحيحة أو الضعيفة فهو موضوع خاصة وأنه لم يذكره في جامع الترمذي ) ولكن نأخذ به تحوطا.
هذا الحديث الشريف يقول إن الإنسان ينفخ فيه الروح بعد أربعة أشهر أي دخلته الحياة ,والسؤال هنا هل الجنين قبل نفخ الروح كان حيا أم ميتا ؟
الجنين يبدأ بتخصيب البويضة وهي حية بحيوان منوي وهو حي كذلك ولو كان اى منهم ميت ما تم التخصيب وما حدث الحمل من الأصل وبعد التخصيب يستمر النمو حتى أربعة أشهر ولو كان المفهوم السائد بان الروح هي التي جعلها الله تعطى مادة الحياة للجنين لجاز لنا إن نقول إن كل العمليات الحيوية التي تمت قبل أربع أشهر ليس بها روح وتكون ميتة لأنه لم يدخلها الروح بعد لأنها لم تصل إلي الأربعة أشهر التي ينفخ الملاك فيها الروح ولم يبقى الجنين إلى مدة أربعة شهور أو حتى أربعة أيام.
الصحيح إن كل العمليات التي تمت كانت لمادة حية من أول الحيوانات المنوية إلي البويضة ومرورا بكل العمليات التي تمت قبل الأربع أشهر حتى إكمال الجنين ويصير طفلا يولد.
والبيضة التي يخرج منها الفرخ إنها خلية حية بدليل إذا توفرت لها الظروف المناسبة لخرج منها فرخ [كتكوت] حي ولو تم سلق البيضة لماتت ولن تعطى شئ.هل البيضة لها روح ومتى نفخت الروح في الكتكوت كما الإنسان وهو كائن حي؟,كذلك النباتات التي تزرع كانت من بذور حية وليست ميتة فلو أتيت ببذور نبات وعرضتها أشعة x أو عرضتها لدرجة حرارة عالية لماتت ولن تبنت وما يقال عن الإنسان يقال أيضا عن النباتات التي تزرع بالتعقيل التي تنزع العقل ثم تحفظ إلى حين موعد الزراعة المناسب وتزرع وينجح منها ما هو حي ويموت منها الذي تعرض لحرارة عالية أو ماتت لأي سبب كذلك الميكروبات والفيروسات لم يقل احد بأنها تحمل روح رغم إنها كائنات حية .
مادام الجنين قبل الأربع أشهر لا ينكر احد انه حي من غير الروح وكذلك البيضة والنباتات لم يقول احد إن لهما روح ليحيا وهما كائنان حيان مثل الإنسان وتقوم فيهما كل الوظائف البيولوجية والفسيولوجية من غير روح نقول ونحن مطمئنين إن الروح لا علاقة لها بالحياة أو الموت فالإنسان والنبات وكل خلق الله يؤدى وظائفه التي قدرها له الله بقدرته وحده مثل حركة الأرض حول نفسها أو دورانها حول الشمس وحركة الالكترونات في الذرة والهواء الذي يتحرك ويلف الكرة الأرضية وكل الكائنات الدقيقة التي تعيش تماما مثل الإنسان ولم يقل احد إن الميكروبات أو الفيروسات لها روح .
وفى الزخرف11[ وَٱلَّذِي نَزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ]
ق11[رِّزْقاً لِّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ ٱلْخُرُوج]
وجاء في تفاسير المفسرين أن الأرض قبل أن ينزل عليها الماء كانت ميتة أو كما قال الشيخ الشعراوى:
"أوشكت على الموت" ثم انزل الله عليها الماء فأصبحت حية-بتعريف القرآن- ونما فيها النباتات, ولم يقل أحد أن الأرض التي نزل عليها الماء أصبحت حية وأن لها روح رغم أن الله جل شأنه قال إنها حية .
علينا إن نتدبر معا كتاب الله نجد الآتي:
الله لم يستأثر العلم ب(الروح) لنفسه كما هي في علم الساعة التي استأثر الله تعالى بعلمها لنفسه كما جاء في قوله تعالى شأنه:
لقمان 34 [إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ ٱلسَّاعَة]
الأعراف 187 [يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَٰهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَآ إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ ٱللَّهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ]
وفى آيات نفى الله عن الإنسان أن يعلم ماذا تكسب أي نفس وكذلك نفى جل شانه إن يعلم الإنسان بأي أرض يموت كما جاء في :
لقمان 34[وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَيمٌ خَبِير]
نرى هنا إن الله نفى عن الإنسان أن يعلم ماذا تكسب اى نفس وكذلك نفى جل شانه إن يعلم الإنسان بأي أرض يموت.
وفى آيات أخري نجد إن الله نفى عنا العلم بأشياء مثل ما جاء في :
البقرة 216[كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ] .
البقرة 232[وَإِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُمْ بِٱلْمَعْرُوفِ ذٰلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ ذٰلِكُمْ أَزْكَىٰ لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ] .
إذن هناك أشياء استأثر الله بعلمها مثل {علم الساعة} وأشياء أخرى نفى الله عنا العلم بها مثل ما جاءت في الآيتين من سورة البقرة {216&232} ولكن لم ينفى الله عنا العلم بالروح ولكنه أجاب بأنها (من أمر ربى)
هل تكلم الله عز وجل عن الروح في مواضع أخرى في القرآن ؟
نعم واجتهد المفسرون في معناها مثل قول الله جل شانه :
[فَٱتَّخَذَتْ مِن دُونِهِم حِجَاباً فَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهَآ رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً]مريم 17
جاء في كتاب الجامع لإحكام القرآن للقرطبي رحمه الله..
"قوله تعالى: { فَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهَآ رُوحَنَا } قيل: هو روح عيسى عليه السلام؛ لأن الله تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد، فركب الروح في جسد عيسى عليه السلام الذي خلقه في بطنها. وقيل: هو جبريل وأضيف الروح إلى الله تعالى تخصيصاً وكرامة. والظاهر أنه جبريل عليه السلام؛ لقوله: { فَتَمَثَّلَ لَهَا } أي تمثل الملك لها. { بَشَرا}"
أو كما جاء في (خواطر الشيخ الشعراوى رحمه الله:
"))وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا
[فَٱتَّخَذَتْ مِن دُونِهِم حِجَاباً فَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهَآ رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّا وجاء فىً}وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا } الشورى: 52 .
أي: القرآن الكريم.
كما سَمَّى الملَك الذي ينزل بالروح رُوحاً:
{نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلأَمِينُ}
[الشعراء: 193] وهو جبريل عليه السلام.
إذن: فقوله تعالى: { فَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهَآ رُوحَنَا } [مريم: 17] أي: جبريل عليه السلام. { فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً } [مريم: 17] معنى تمثَّل: أي: ليستْ هذه حقيقته، إنه تمثَّل بها، أما حقيقته فنورانية ذات صفات أخرى، وذات أجنحة مَثْنى وثُلاَث ورُبَاع، فلماذا ـ إذن ـ جاء الملَكُ مريمَ في صورة بشرية؟”)) انتهي كلام الشيخ الشعراوي
ويكون (الروح) جاءت حسب اجتهاد المفسرين بمعنى (جبريل كما جاء في تفسيرهم الآية193 من سورة الشعراء أو بمعنى القرآن كما جاء في تفسير الآية52 من سورة الشعراء أو بمعنى عيسى عليه السلام كما في الآية17 من سورة مريم " { فَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهَآ رُوحَنَا }ولكنهم أنكروا العلم بها فى ألآية [وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً] (الإسراء:85) واعتبروها من الأسرار الإلهية دونما دليل إلا قول الله تعالي[وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً] (الإسراء:85)
والقليل من العلم لم يكن في علم الروح فقط ولكن في كل شئ وهذا التطور العلمي وما سيأتي بعده من العلم أن شاء الله هو من القليل الذي شاء به الله فكل هذا هو من القليل لان علم الله محيط بكل شئ وعلم لا نهائي وغير محدود لأنه خلق خلقا كثيرا (ويخلق مالا تعلمون .) غير علم الساعة وما أوضحنا ه في أول الموضوع,
وعليه لا حرج في أن نتدبر في الآيات التي جاءت فيها الروح لنعرف ما هي الروح؟
نتدبر قول الله تعالي في الآية الكريمة في سورة (الحجر:29) [فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِين].
نبحث أولا في القواميس عن معنى آخر كلمة نفخ :
كلمة نفخ كما جاءت في بعض القواميس(نفَخَ: ضَخّمَ&نَفَخَ: عَظّمَ&نَفْخ: تَكَبّر وفى القاموس المحيط : والفَخْرُ، والكِبْر &وجاء في :مفردات ألفاظ القرآن للأصفهاني: انتفخ النهار: إذا ارتفع وهناك من الأمثال التي توضح لنا معنى نفخ مثل ما يقال لرجل متكبر دون اى سبب انه منفوخ على الفاضى أو يقال نفخة كذابة.
وفي الآية الكريمة [وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً] (الإسراء:85), ولو استبدلنا كلمة الروح في الآية بمعناها من سورة الإسراء(الحجر:29) وكلمة نفخ كما جاءت في القواميس, فيكون التفسير كالآتي والله أعلي وأعلم[فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِين].
فإذا ) سويته خلقته من تراب والمراحل التالية التي ذكرها الله فى القرآن ونفخت فيه (وعظمته أو كبرته من) روحى ( من أمرنا فقعوا له ساجدين).(
مما سبق نستنتج أن تكون الروح هي أمر خاص من الله تبارك وتعالي لقوله من أمرنا
لنعطي مثل ولله المثل الأعلي: ولو تدبرنا الآية محل التدبير وقارنا بينها مع الآية 52 من سورة الشورى وهما([وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي).. الآية 58من سورة الإسراء والآية 52 من سورة الشوري"))وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا)...الآية.
في الآية الأولى الروح من أمر الله وفى الآية الثانية القرآن هو روح من أمر الله كذلك
والسؤال إذا كانت الروح غيب ولانعلم عنها أي شئ ولا نحسها ولا نراها فهل القرآن الذي هو الآخر روح من أمر الله غيب عنا ولا نحسه ولا نراه ؟
بالتأكيد لا لأن القرآن بين أيدينا وأمرنا الله أن نتعبد بتلاوته وان نتدبر آياته وليس غيب هنا كما جاء فى :
النساء 82 ( أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخْتِلاَفاً كَثِيراً)
محمد 24 (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ )
وامرنا ان نتفكر فيه ونتعلم منه دستور حياتنا .
ارجوا عدم الخلط بين ان نتدبر القرآن ونتفكر فى آياته وبين ما جاء في سورة :.
آل عمران 7(هُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ٱبْتِغَاءَ ٱلْفِتْنَةِ وَٱبْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ ٱللَّهُ وَٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ).
فبعض المفسرين اعتبروا أن الله وحده الذي يعلم تأويل القرآن كله ويكون ليس أمامنا اى خيار في ألا نتدبر آياته ولكن الله نفى عنا التأويل للآيات المتشابهات فقط وأمرنا أن نفكر ونتدبر بعد ذلك كل آيات القرآن . وعليه تكون الروح ليست بغيب ولا لها علاقة بالحياة أو الممات لأن القرآن ليس بغيب عنا ولكنه بين أيدينا ونحفظه وهو روح من أمر الله .
. ونعطى مثالا ولله المثل الأعلى في الدول الملكية والتي يحكمها ملك هناك أوامر عامة من الملك في اليوم وهذه تسمى توجيهات أما هناك أوامر هامة تسمى أمر ملكي (سامي) يكون له أهميه خاصة وتعطى الأمر الصادر له الأمر السامي أهمية قصوى ويكون متفرد عن الذي صدر له توجيهات.
كل خلق الله وكل ما يشاؤه إنما يكون (بالأمر)كن فيكون كما جاء فى آل عمران 59 { ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } والنحل 40 {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَآ أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} إلى آخره , ثم جعل الله أمر خاصا لمن يشاء من عبادة ليكون متفردا فكان هذا الأمر الخاص من الله تعالي لآدم ليكون سيد المخلوقات وسخر له ما في السماوات والأرض كما حاء في لقمان 20[أَلَمْ تَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي الأَرْضِ]...الآية وهذا تفرد وخصوصية لآدم دون سائر الخلق ,وجبريل عليه السلام خلق بكن فكان وكان له أمر (خاص) ليكون رئيس الملائكة وهو وحده رسول الله(الوحى) إلى انبيائة ورسله من البشر على الأرض ويسمى روح القدس- والقرآن له أمر خاص أيضا (روح من أمر الله) لأنه متفرد عن جميع الكتب السماوية الأخرى يكفي ان الله تعهد بحفظه. الحجر 9 ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)
أما عن البتول مريم فقد جاء فى سورة:
الأنبياء 91 [ وَٱلَّتِيۤ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَٱبْنَهَآ آيَةً لِّلْعَالَمِينَ ]
التحريم 12 [ وَمَرْيَمَ ٱبْنَتَ عِمْرَانَ ٱلَّتِيۤ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ ٱلْقَانِتِينَ] .
في سورة الأنبياء يقول عن مريم انه نفخ فيها من روحنا والمعنى (والله اعلي واعلم) إن مريم خلقت بكن فكانت وكان لها أمرا خاصا تتفرد به عن نساء العالمين كما جاء فى سور آل عمران 42.
(وَإِذْ قَالَتِ ٱلْمَلاَئِكَةُ يٰمَرْيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَـٰكِ وَطَهَّرَكِ وَٱصْطَفَـٰكِ عَلَىٰ نِسَآءِ ٱلْعَـٰلَمِينَ) ويكون هذا التفرد لقوله (فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا) وكما ذكرنا أن نفخ هو التعظيم والإكبار بأمر الله الخاص والذي اسماه الروح.
أما ما جاء فى سورة التحريم12 (أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا) وهذا معناه –والله اعلي واعلم – إن هذا الفرج الطاهر الذي صانته مريم كان له هذا الأمر ليكون طاهرا وعظيما لاستقباله مخلوق بطريقة أخري متفردة وهو سيدنا عيسى عليه وعلى رسولنا أفضل الصلاة واذكي السلام والذي ولد بلا أب.
أما عن سيدنا عيسي عليه السلام يقول الله تبارك وتعالي:
النساء 171[يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْحَقَّ إِنَّمَا ٱلْمَسِيحُ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ ٱللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ] ..الآية يقول الله إن عيسى هو رسول الله وخلق بكلمة كن فيكون ثم أمر خاص له (الروح) ليكون متفردا في خلقه دون عن سائر البشر .
إذن الروح لم ينفى الله العلم بها كما أسلفت مثل علم الساعة أو نفى العلم بها كما جاء في الآيات من سورة البقرة {216&232} ولم يستأثر العلم بها كما كان في الروح ولكن الله أجاب عنها رسوله بأنها من أمر ربي(قل الروح من أمر ربي) وتكون الروح هي أمر خاص (أسمي) من مجمل أوامر الله في خلقه ليتفرد الذي له هذا الأمر بأهمية معينه وصدق الله إذ قال ([وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً] (الإسراء:85).
ولكن من هو الإنسان وما هو الموت؟
الإنسان هو يتكون من الجسد والنفس ويحيي بكلمة كن فكان .
والنفس هي الأنا لكل إنسان له نفس خاص به تميزه عن غيره وجاء في سورة الشمس{ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا } * { فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا }
فما هو الموت؟
الموت هو انفصال النفس عن الجسد فالنفس عند الموت تصعد إلى الله ويبقى الجسد في الأرض ويتحلل ويعود إلى عناصر تكوينه الأولى ويوم القيامة يعيد الله الجسد مرة أخري كما جاء في سورة القيامة 4[ بَلَىٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ] الأنياء104 [كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَآ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ] ويزوج الجسد بالنفس كما جاء فى التكوير الآية 7[وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوِّجَتْ] ....الآية
والإجابة على هذا السؤال من القرآن ذاته. ونستعرض ما جاء في القرآن عن الموت.
النفس هي التي تترك الجسم عند الوفاة وليست الروح كما جاء في سورة:
التوبة 55 ( فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَٰلُهُمْ وَلاَ أَوْلَـٰدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَٰفِرُونَ).
التوبة 85 (وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَٰلُهُمْ وَأَوْلَـٰدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي ٱلدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَٰفِرُونَ)
آل عمران 185 [كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ]....الآية
الزمر 42 ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلأَنفُسَ حِينَ مَوْتِـهَا وَٱلَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِـهَا فَيُمْسِكُ ٱلَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا ٱلْمَوْتَ وَيُرْسِلُ ٱلأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ.
الأنعام 93 ( وَلَوْ تَرَىۤ إِذِ ٱلظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ ٱلْمَوْتِ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ بَاسِطُوۤاْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوۤاْ أَنْفُسَكُمُ ٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ ٱلْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ غَيْرَ ٱلْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ).
آل عمران 145 (وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله)
*الفجر 28 { يٰأَيَّتُهَا ٱلنَّفْسُ ٱلْمُطْمَئِنَّةُ } *29 { ٱرْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً}
النفس هي التي تلازم الإنسان في الحياة وهى المسؤلة عن أفعالها كما جاء في سورة :
آل عمران 30 (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوۤءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدَاً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ وَٱللَّهُ رَؤُوفٌ بِٱلْعِبَادِ.)
النفس هي التي تقف أمام الله جل شأنه يوم الحساب كما جاء في :
سورة إبراهيم 51 {لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ}.
22 النحل 111 {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ}.
وكان رسول الله يقسم ويقول "والذي نفسي بيده كما جاء في الحديث " والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة).... الحديث ولم يقل والذي روحي بيده.
إذن الإنسان هو نفس في جسد وليست الروح وعند الموت تخرج النفس لا الروح فالإنسان هو جسد به نفس كما جاء في الآيات السابقة.
الله اعلي واعلم وان أصبت فمن الله وان أخطأت فمن نفسي وليغفر لي الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .
انتهي في يوم الخميس5 شعبان سنة1429هجرية الموافق 6من أغسطس سنة 2008م
تدبر:/محمد إبراهيم عبد الغنى قطب –مصر.
الإميل: emadkotob@yahoo.com
Mohamed_k47@hotmail.com