بسم الله الرحمن الرحيم
التحدي بالقرآن--ليس بكلام بشر
الروح
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين.
يقول الله جل شأنه في كتابه العزيز,بسم الله الرحمن الرحيم [وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً] (الإسراء:85.)
في تفسير هذه الآية :/
قال الطبري:
(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} ْ
"يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: ويسألك الكفـار بـالله من أهل الكتاب عن الروح ما هي؟ قل لهم: الروح من أمر ربـي، وما أوتـيتـم أنتـم وجميع الناس من العلـم إلا قلـيلاً. وذُكِر أن الذين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الروح، فنزلت هذه الآية بـمسألتهم إياه عنها، كانوا قوماً من الـيهود. ذكر الرواية بذلك.
وجاء في الجامع لأحكام القرآن للقرطبي رحمه الله:
ذهب أكثر أهل التأويل إلى أنهم سألوه عن الروح الذي يكون به حياة الجسد. وقال أهل النظر منهم: إنما سألوه عن كيفية الروح ومسلكه في بدن الإنسان، وكيف امتزاجه بالجسم واتصال الحياة به، وهذا شيء لا يعلمه إلا الله عز وجل. وقال أبو صالح: الروح خلق كخلق بني آدم وليسوا ببني آدم، لهم أيد وأرجل. والصحيح الإبهام لقوله: «قل الروح من أمر ربي» دليلٌ على خَلْقِ الروحِ أي هو أمر عظيم وشأن كبير من أمر الله تعالى، مبهماً له وتاركاً تفصيله، ليعرف الإنسان على القطع عجزه عن علم حقيقة نفسه مع العلم بوجودها. وإذا كان الإنسان في معرفة نفسه هكذا كان بعجزه عن إدراك حقيقة الحق أولى. وحكمة ذلك تعجيز العقل عن إدراك معرفة مخلوق مجاور له، دلالة على أنه عن إدراك خالقه أعجز.
وقوله تعالى: { وَمَآ أُوتِيتُم مِّن ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً } اختلف فيمن خوطب بذلك؛ فقالت فرقة: السائلون فقط. وقال قوم: المراد اليهود بجملتهم. وعلى هذا هي قراءة ابن مسعود «وما أوتوا» ورواها عن النبيّ صلى الله عليه وسلم. وقالت فرقة: المراد العالم كله. وهو الصحيح،)
وجاء في تفسير الشيخ الشعراوى:
قالوا: ("الروح التي بها حركة الحياة إذا وُجِدَتْ في الإنسان تعطي مادية الحياة، ومادية الحياة شيء، وقيَمُ الحياة شيء آخر، فإذا ما جاءك شيء يعدل لك قيم الحياة فهل تُسمِّيه روحاً؟ لا، بل هو روح الروح؛ لأن الروح الأُولى قصاراها الدنيا، لكن روح المنهج النازل من السماء فخالدة في الآخرة، فأيُّهما حياته أطول؟ واستطرد بقوله:
أي: أن هذه من خصوصياته هو سبحانه، وطالما هي من خصوصياته هو سبحانه، فلن يطلع أحداً على سِرِّها. وهل هي جوهر يدخل الجسم فيحيا ويسلب منه فيموت، أم هي مراد (بكُنْ) من الخالق سبحانه، فإنْ قال لها كُنْ تحيا، وإنْ قال مِتْ تموت؟.")
هذا ما قاله المفسرون ولا أجد أي داعي إن اذكر كل ما جاء في التفاسير الأخرى وذلك السبب أن هناك من قدامى المفسرين من قال ذلك واستمر معنا.. أولهم قال هذا فثبت عند آخرهم.. والمعتاد عند المفسرين كالمعتاد عند الموظفين.. أول توقيع هو الذي يحرك الورقة ثم يوقع الثاني علي توقيع الأول ويوقع الثالث علي توقيع الثاني.. الأول هو الذي يحدد ما فهم الأخير فلو أخطا يستمر الخطأ.. ولو راجع أحد ما قال الأول فإنه يتهم بما لا يطيق.. فمن الذي يجرؤ علي مراجعة القرطبي وابن كثير مثلا؟.
لقد جعلوا للمفسرين قداسة حتي إن مراجعة كلامهم يعد خروجا عن المألوف.. إننا لا نقول إن ما جاء منهم خطأ وإنما نقول إنه ربما كانت هناك معانٍ أخري وإلا ما كان هناك مبرر لوجود أكثر من مفسر.
أولا هل الروح هي الوسيلة التي جعلها الله تبارك وتعالي في الكائن الحي لتمده بالحياة وإذا تركته مات الكائن الحي ؟).
هناك حديث مشهور عن الرسول صلى الله عليه وسلم:
يقول الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم في حديث جاء في تحفة الأحوزي شرح جامع الترمذي,لمحمد بن عبد الرحمن المباكفوري
حديث ابن مسعود قال: {حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوماً، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله إليه ملكاً بأربع كلمات يكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح}. متفق عليه انتهى .
(هذا الحديث لم يذكره الإمام محمد بن نصر الدين الألباني في الأحاديث الصحيحة أو حتى في الأحاديث الضعيفة وحسب رأيه أن الحديث الذي لا يذكر في الأحاديث الصحيحة أو الضعيفة فهو موضوع خاصة وأنه لم يذكره في جامع الترمذي ) ولكن نأخذ به تحوطا.
هذا الحديث الشريف يقول إن الإنسان ينفخ فيه الروح بعد أربعة أشهر أي دخلته الحياة ,والسؤال هنا هل الجنين قبل نفخ الروح كان حيا أم ميتا ؟
الجنين يبدأ بتخصيب البويضة وهي حية بحيوان منوي وهو حي كذلك ولو كان اى منهم ميت ما تم التخصيب وما حدث الحمل من الأصل وبعد التخصيب يستمر النمو حتى أربعة أشهر ولو كان المفهوم السائد بان الروح هي التي جعلها الله تعطى مادة الحياة للجنين لجاز لنا إن نقول إن كل العمليات الحيوية التي تمت قبل أربع أشهر ليس بها روح وتكون ميتة لأنه لم يدخلها الروح بعد لأنها لم تصل إلي الأربعة أشهر التي ينفخ الملاك فيها الروح ولم يبقى الجنين إلى مدة أربعة شهور أو حتى أربعة أيام.
الصحيح إن كل العمليات التي تمت كانت لمادة حية من أول الحيوانات المنوية إلي البويضة ومرورا بكل العمليات التي تمت قبل الأربع أشهر حتى إكمال الجنين ويصير طفلا يولد.
والبيضة التي يخرج منها الفرخ إنها خلية حية بدليل إذا توفرت لها الظروف المناسبة لخرج منها فرخ [كتكوت] حي ولو تم سلق البيضة لماتت ولن تعطى شئ.هل البيضة لها روح ومتى نفخت الروح في الكتكوت كما الإنسان وهو كائن حي؟,كذلك النباتات التي تزرع كانت من بذور حية وليست ميتة فلو أتيت ببذور نبات وعرضتها أشعة x أو عرضتها لدرجة حرارة عالية لماتت ولن تبنت وما يقال عن الإنسان يقال أيضا عن النباتات التي تزرع بالتعقيل التي تنزع العقل ثم تحفظ إلى حين موعد الزراعة المناسب وتزرع وينجح منها ما هو حي ويموت منها الذي تعرض لحرارة عالية أو ماتت لأي سبب كذلك الميكروبات والفيروسات لم يقل احد بأنها تحمل روح رغم إنها كائنات حية .
مادام الجنين قبل الأربع أشهر لا ينكر احد انه حي من غير الروح وكذلك البيضة والنباتات لم يقول احد إن لهما روح ليحيا وهما كائنان حيان مثل الإنسان وتقوم فيهما كل الوظائف البيولوجية والفسيولوجية من غير روح نقول ونحن مطمئنين إن الروح لا علاقة لها بالحياة أو الموت فالإنسان والنبات وكل خلق الله يؤدى وظائفه التي قدرها له الله بقدرته وحده مثل حركة الأرض حول نفسها أو دورانها حول الشمس وحركة الالكترونات في الذرة والهواء الذي يتحرك ويلف الكرة الأرضية وكل الكائنات الدقيقة التي تعيش تماما مثل الإنسان ولم يقل احد إن الميكروبات أو الفيروسات لها روح .
وفى الزخرف11[ وَٱلَّذِي نَزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ]
ق11[رِّزْقاً لِّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ ٱلْخُرُوج]
وجاء في تفاسير المفسرين أن الأرض قبل أن ينزل عليها الماء كانت ميتة أو كما قال الشيخ الشعراوى:
"أوشكت على الموت" ثم انزل الله عليها الماء فأصبحت حية-بتعريف القرآن- ونما فيها النباتات, ولم يقل أحد أن الأرض التي نزل عليها الماء أصبحت حية وأن لها روح رغم أن الله جل شأنه قال إنها حية .
علينا إن نتدبر معا كتاب الله نجد الآتي:
الله لم يستأثر العلم ب(الروح) لنفسه كما هي في علم الساعة التي استأثر الله تعالى بعلمها لنفسه كما جاء في قوله تعالى شأنه:
لقمان 34 [إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ ٱلسَّاعَة]
الأعراف 187 [يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَٰهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَآ إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ ٱللَّهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ]
وفى آيات نفى الله عن الإنسان أن يعلم ماذا تكسب أي نفس وكذلك نفى جل شانه إن يعلم الإنسان بأي أرض يموت كما جاء في :
لقمان 34[وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَيمٌ خَبِير]
نرى هنا إن الله نفى عن الإنسان أن يعلم ماذا تكسب اى نفس وكذلك نفى جل شانه إن يعلم الإنسان بأي أرض يموت.
وفى آيات أخري نجد إن الله نفى عنا العلم بأشياء مثل ما جاء في :
البقرة 216[كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ] .
البقرة 232[وَإِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُمْ بِٱلْمَعْرُوفِ ذٰلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ ذٰلِكُمْ أَزْكَىٰ لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ] .
إذن هناك أشياء استأثر الله بعلمها مثل {علم الساعة} وأشياء أخرى نفى الله عنا العلم بها مثل ما جاءت في الآيتين من سورة البقرة {216&232} ولكن لم ينفى الله عنا العلم بالروح ولكنه أجاب بأنها (من أمر ربى)
هل تكلم الله عز وجل عن الروح في مواضع أخرى في القرآن ؟
نعم واجتهد المفسرون في معناها مثل قول الله جل شانه :
[فَٱتَّخَذَتْ مِن دُونِهِم حِجَاباً فَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهَآ رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً]مريم 17
جاء في كتاب الجامع لإحكام القرآن للقرطبي رحمه الله..
"قوله تعالى: { فَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهَآ رُوحَنَا } قيل: هو روح عيسى عليه السلام؛ لأن الله تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد، فركب الروح في جسد عيسى عليه السلام الذي خلقه في بطنها. وقيل: هو جبريل وأضيف الروح إلى الله تعالى تخصيصاً وكرامة. والظاهر أنه جبريل عليه السلام؛ لقوله: { فَتَمَثَّلَ لَهَا } أي تمثل الملك لها. { بَشَرا}"
أو كما جاء في (خواطر الشيخ الشعراوى رحمه الله:
"))وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا
[فَٱتَّخَذَتْ مِن دُونِهِم حِجَاباً فَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهَآ رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّا وجاء فىً}وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا } الشورى: 52 .
أي: القرآن الكريم.
كما سَمَّى الملَك الذي ينزل بالروح رُوحاً:
{نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلأَمِينُ}
[الشعراء: 193] وهو جبريل عليه السلام.
إذن: فقوله تعالى: { فَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهَآ رُوحَنَا } [مريم: 17] أي: جبريل عليه السلام. { فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً } [مريم: 17] معنى تمثَّل: أي: ليستْ هذه حقيقته، إنه تمثَّل بها، أما حقيقته فنورانية ذات صفات أخرى، وذات أجنحة مَثْنى وثُلاَث ورُبَاع، فلماذا ـ إذن ـ جاء الملَكُ مريمَ في صورة بشرية؟”)) انتهي كلام الشيخ الشعراوي
ويكون (الروح) جاءت حسب اجتهاد المفسرين بمعنى (جبريل كما جاء في تفسيرهم الآية193 من سورة الشعراء أو بمعنى القرآن كما جاء في تفسير الآية52 من سورة الشعراء أو بمعنى عيسى عليه السلام كما في الآية17 من سورة مريم " { فَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهَآ رُوحَنَا }ولكنهم أنكروا العلم بها فى ألآية [وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً] (الإسراء:85) واعتبروها من الأسرار الإلهية دونما دليل إلا قول الله تعالي[وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً] (الإسراء:85)
والقليل من العلم لم يكن في علم الروح فقط ولكن في كل شئ وهذا التطور العلمي وما سيأتي بعده من العلم أن شاء الله هو من القليل الذي شاء به الله فكل هذا هو من القليل لان علم الله محيط بكل شئ وعلم لا نهائي وغير محدود لأنه خلق خلقا كثيرا (ويخلق مالا تعلمون .) غير علم الساعة وما أوضحنا ه في أول الموضوع,
وعليه لا حرج في أن نتدبر في الآيات التي جاءت فيها الروح لنعرف ما هي الروح؟
نتدبر قول الله تعالي في الآية الكريمة في سورة (الحجر:29) [فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِين].
نبحث أولا في القواميس عن معنى آخر كلمة نفخ :
كلمة نفخ كما جاءت في بعض القواميس(نفَخَ: ضَخّمَ&نَفَخَ: عَظّمَ&نَفْخ: تَكَبّر وفى القاموس المحيط : والفَخْرُ، والكِبْر &وجاء في :مفردات ألفاظ القرآن للأصفهاني: انتفخ النهار: إذا ارتفع وهناك من الأمثال التي توضح لنا معنى نفخ مثل ما يقال لرجل متكبر دون اى سبب انه منفوخ على الفاضى أو يقال نفخة كذابة.
وفي الآية الكريمة [وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً] (الإسراء:85), ولو استبدلنا كلمة الروح في الآية بمعناها من سورة الإسراء(الحجر:29) وكلمة نفخ كما جاءت في القواميس, فيكون التفسير كالآتي والله أعلي وأعلم[فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِين].
فإذا ) سويته خلقته من تراب والمراحل التالية التي ذكرها الله فى القرآن ونفخت فيه (وعظمته أو كبرته من) روحى ( من أمرنا فقعوا له ساجدين).(
مما سبق نستنتج أن تكون الروح هي أمر خاص من الله تبارك وتعالي لقوله من أمرنا
لنعطي مثل ولله المثل الأعلي: ولو تدبرنا الآية محل التدبير وقارنا بينها مع الآية 52 من سورة الشورى وهما([وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي).. الآية 58من سورة الإسراء والآية 52 من سورة الشوري"))وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا)...الآية.
في الآية الأولى الروح من أمر الله وفى الآية الثانية القرآن هو روح من أمر الله كذلك
والسؤال إذا كانت الروح غيب ولانعلم عنها أي شئ ولا نحسها ولا نراها فهل القرآن الذي هو الآخر روح من أمر الله غيب عنا ولا نحسه ولا نراه ؟
بالتأكيد لا لأن القرآن بين أيدينا وأمرنا الله أن نتعبد بتلاوته وان نتدبر آياته وليس غيب هنا كما جاء فى :
النساء 82 ( أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخْتِلاَفاً كَثِيراً)
محمد 24 (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ )
وامرنا ان نتفكر فيه ونتعلم منه دستور حياتنا .
ارجوا عدم الخلط بين ان نتدبر القرآن ونتفكر فى آياته وبين ما جاء في سورة :.
آل عمران 7(هُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ٱبْتِغَاءَ ٱلْفِتْنَةِ وَٱبْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ ٱللَّهُ وَٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ).
فبعض المفسرين اعتبروا أن الله وحده الذي يعلم تأويل القرآن كله ويكون ليس أمامنا اى خيار في ألا نتدبر آياته ولكن الله نفى عنا التأويل للآيات المتشابهات فقط وأمرنا أن نفكر ونتدبر بعد ذلك كل آيات القرآن . وعليه تكون الروح ليست بغيب ولا لها علاقة بالحياة أو الممات لأن القرآن ليس بغيب عنا ولكنه بين أيدينا ونحفظه وهو روح من أمر الله .
. ونعطى مثالا ولله المثل الأعلى في الدول الملكية والتي يحكمها ملك هناك أوامر عامة من الملك في اليوم وهذه تسمى توجيهات أما هناك أوامر هامة تسمى أمر ملكي (سامي) يكون له أهميه خاصة وتعطى الأمر الصادر له الأمر السامي أهمية قصوى ويكون متفرد عن الذي صدر له توجيهات.
كل خلق الله وكل ما يشاؤه إنما يكون (بالأمر)كن فيكون كما جاء فى آل عمران 59 { ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } والنحل 40 {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَآ أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} إلى آخره , ثم جعل الله أمر خاصا لمن يشاء من عبادة ليكون متفردا فكان هذا الأمر الخاص من الله تعالي لآدم ليكون سيد المخلوقات وسخر له ما في السماوات والأرض كما حاء في لقمان 20[أَلَمْ تَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي الأَرْضِ]...الآية وهذا تفرد وخصوصية لآدم دون سائر الخلق ,وجبريل عليه السلام خلق بكن فكان وكان له أمر (خاص) ليكون رئيس الملائكة وهو وحده رسول الله(الوحى) إلى انبيائة ورسله من البشر على الأرض ويسمى روح القدس- والقرآن له أمر خاص أيضا (روح من أمر الله) لأنه متفرد عن جميع الكتب السماوية الأخرى يكفي ان الله تعهد بحفظه. الحجر 9 ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)
أما عن البتول مريم فقد جاء فى سورة:
الأنبياء 91 [ وَٱلَّتِيۤ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَٱبْنَهَآ آيَةً لِّلْعَالَمِينَ ]
التحريم 12 [ وَمَرْيَمَ ٱبْنَتَ عِمْرَانَ ٱلَّتِيۤ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ ٱلْقَانِتِينَ] .
في سورة الأنبياء يقول عن مريم انه نفخ فيها من روحنا والمعنى (والله اعلي واعلم) إن مريم خلقت بكن فكانت وكان لها أمرا خاصا تتفرد به عن نساء العالمين كما جاء فى سور آل عمران 42.
(وَإِذْ قَالَتِ ٱلْمَلاَئِكَةُ يٰمَرْيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَـٰكِ وَطَهَّرَكِ وَٱصْطَفَـٰكِ عَلَىٰ نِسَآءِ ٱلْعَـٰلَمِينَ) ويكون هذا التفرد لقوله (فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا) وكما ذكرنا أن نفخ هو التعظيم والإكبار بأمر الله الخاص والذي اسماه الروح.
أما ما جاء فى سورة التحريم12 (أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا) وهذا معناه –والله اعلي واعلم – إن هذا الفرج الطاهر الذي صانته مريم كان له هذا الأمر ليكون طاهرا وعظيما لاستقباله مخلوق بطريقة أخري متفردة وهو سيدنا عيسى عليه وعلى رسولنا أفضل الصلاة واذكي السلام والذي ولد بلا أب.
أما عن سيدنا عيسي عليه السلام يقول الله تبارك وتعالي:
النساء 171[يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْحَقَّ إِنَّمَا ٱلْمَسِيحُ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ ٱللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ] ..الآية يقول الله إن عيسى هو رسول الله وخلق بكلمة كن فيكون ثم أمر خاص له (الروح) ليكون متفردا في خلقه دون عن سائر البشر .
إذن الروح لم ينفى الله العلم بها كما أسلفت مثل علم الساعة أو نفى العلم بها كما جاء في الآيات من سورة البقرة {216&232} ولم يستأثر العلم بها كما كان في الروح ولكن الله أجاب عنها رسوله بأنها من أمر ربي(قل الروح من أمر ربي) وتكون الروح هي أمر خاص (أسمي) من مجمل أوامر الله في خلقه ليتفرد الذي له هذا الأمر بأهمية معينه وصدق الله إذ قال ([وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً] (الإسراء:85).
ولكن من هو الإنسان وما هو الموت؟
الإنسان هو يتكون من الجسد والنفس ويحيي بكلمة كن فكان .
والنفس هي الأنا لكل إنسان له نفس خاص به تميزه عن غيره وجاء في سورة الشمس{ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا } * { فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا }
فما هو الموت؟
الموت هو انفصال النفس عن الجسد فالنفس عند الموت تصعد إلى الله ويبقى الجسد في الأرض ويتحلل ويعود إلى عناصر تكوينه الأولى ويوم القيامة يعيد الله الجسد مرة أخري كما جاء في سورة القيامة 4[ بَلَىٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ] الأنياء104 [كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَآ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ] ويزوج الجسد بالنفس كما جاء فى التكوير الآية 7[وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوِّجَتْ] ....الآية
والإجابة على هذا السؤال من القرآن ذاته. ونستعرض ما جاء في القرآن عن الموت.
النفس هي التي تترك الجسم عند الوفاة وليست الروح كما جاء في سورة:
التوبة 55 ( فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَٰلُهُمْ وَلاَ أَوْلَـٰدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَٰفِرُونَ).
التوبة 85 (وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَٰلُهُمْ وَأَوْلَـٰدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي ٱلدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَٰفِرُونَ)
آل عمران 185 [كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ]....الآية
الزمر 42 ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلأَنفُسَ حِينَ مَوْتِـهَا وَٱلَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِـهَا فَيُمْسِكُ ٱلَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا ٱلْمَوْتَ وَيُرْسِلُ ٱلأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ.
الأنعام 93 ( وَلَوْ تَرَىۤ إِذِ ٱلظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ ٱلْمَوْتِ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ بَاسِطُوۤاْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوۤاْ أَنْفُسَكُمُ ٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ ٱلْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ غَيْرَ ٱلْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ).
آل عمران 145 (وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله)
*الفجر 28 { يٰأَيَّتُهَا ٱلنَّفْسُ ٱلْمُطْمَئِنَّةُ } *29 { ٱرْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً}
النفس هي التي تلازم الإنسان في الحياة وهى المسؤلة عن أفعالها كما جاء في سورة :
آل عمران 30 (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوۤءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدَاً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ وَٱللَّهُ رَؤُوفٌ بِٱلْعِبَادِ.)
النفس هي التي تقف أمام الله جل شأنه يوم الحساب كما جاء في :
سورة إبراهيم 51 {لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ}.
22 النحل 111 {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ}.
وكان رسول الله يقسم ويقول "والذي نفسي بيده كما جاء في الحديث " والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة).... الحديث ولم يقل والذي روحي بيده.
إذن الإنسان هو نفس في جسد وليست الروح وعند الموت تخرج النفس لا الروح فالإنسان هو جسد به نفس كما جاء في الآيات السابقة.
الله اعلي واعلم وان أصبت فمن الله وان أخطأت فمن نفسي وليغفر لي الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .
انتهي في يوم الخميس5 شعبان سنة1429هجرية الموافق 6من أغسطس سنة 2008م
تدبر:/محمد إبراهيم عبد الغنى قطب –مصر.
الإميل: emadkotob@yahoo.com
Mohamed_k47@hotmail.com
الأربعاء، يوليو 22، 2009
التحدي بالقرىن-ليس بكلام بشر الروح
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق